للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَمعنى قَوْله تعلّقت بمنكبي الرَّحْمَن أَي اعتصمت بِاللَّه ولاذت بِهِ هَذِه كلمة تَقُولهَا الْعَرَب عِنْد الإستظهار والإستجارة يَقُولُونَ استظهرت بفلان واستجرت بِهِ وتعلقت بحبله وَقَالَ الشَّاعِر فِي مثل هَذَا الْمَعْنى

(علقت بِحَبل من حبال مُحَمَّد ... أمنت بِهِ من طَارق الْحدثَان)

(تغطيت من دهري بِظِل جنَاحه ... فعيني ترى دهري وَلَيْسَ يراني)

أَي اعتصمت بِهِ وَالله جلّ ذكره يَقُول {مَا من دَابَّة إِلَّا هُوَ آخذ بناصيتها}

أَي هُوَ قَادر على تصريفها كَيفَ شَاءَ والعربي يَقُول لصَاحبه إِذا أطاعه

ناصيتي بِيَدِك وزمامي بِيَدِك وقيادي بِيَدِك وَلَيْسَ ثمَّ زِمَام وَلَا قياد وَلَا نَاصِيَة وَإِنَّمَا هُوَ مثل للمطيع والمطاع

وَكَذَلِكَ قَوْله فتعلقت بمنكبي الرَّحْمَن أَي استجارت واعتصمت فَالله تَعَالَى لَا يُوصف وَإِنَّمَا هُوَ مثل للمطيع والمطاع

وَكَذَلِكَ قَوْله فتعلقت بمنكبي الرَّحْمَن أَي استجارت واعتصمت فَالله تَعَالَى لَا يُوصف بالمنكب تَعَالَى على ذَلِك علوا كَبِيرا

وَأعلم أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّمَا خاطبنا على لُغَة الْعَرَب فَإِذا ورد مِنْهُ الْخطاب حمل على مُقْتَضى حكم اللُّغَة فَإِذا كَانَ مُحْتملا لوَجْهَيْنِ أَحدهمَا لَهُ مخرج فِي اللُّغَة وَتَأْويل صَحِيح لَا يَقْتَضِي تَشْبِيها وَلَا يُؤَدِّي إِلَى محَال فِي وصف الله جلّ ذكره وَالثَّانِي يَقْتَضِي تَشْبِيها وتكييفا وتمثيلا كَانَ أولى مَا حمل عَلَيْهِ من الْوَجْهَيْنِ مَا لَا يُؤَدِّي إِلَى وصف الله جلّ ذكره بالجوارح والآلات

على أَنه وَإِن حمل على مَا يتوهمه المشبهة من مَنْكِبي الْجَارِحَة لم يَصح مَعْنَاهُ

<<  <   >  >>