للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَأما أَبُو جندل فحبسه أَبوهُ فِي الْحَدِيد وَمنعه الْهِجْرَة، فَلَمَّا خرج يَوْم الْحُدَيْبِيَة رد إِلَى أَبِيه، فَقَالَ: يَا معشر الْمُسلمين، أرد إِلَى الْمُشْركين ليفتنوني عَن ديني؟ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " يَا أَبَا جندل، لَا بُد من الْوَفَاء، فاصبر " وَإِنَّمَا رده ليتَحَقَّق الْوَفَاء بِالشّرطِ، وَلما رأى فِي ذَلِك من الْمصلحَة للْمُسلمين. ثمَّ إِنَّه إِنَّمَا سَلمَة إِلَى أَبِيه وَالْأَب لَا يقتل ابْنه، وَغَايَة مَا يصنع بِهِ أَنه يحملهُ على كلمة الْكفْر، وَهِي على وَجه التقية مُبَاحَة، ثمَّ إِن أَبَا جندل أفلت من أَيْديهم بعد ذَلِك وَجَاء إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَلم يزل يَغْزُو مَعَه حَتَّى مَاتَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ثمَّ خرج إِلَى الشَّام مُجَاهدًا. [١٥] ثمَّ إِن سُهَيْل بن عَمْرو بعث يَوْم الْفَتْح إِلَى ابْنه عبد الله: اطلب لي جوارا من مُحَمَّد. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " هُوَ آمن بِأَمَان الله فليظهر " ثمَّ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لمن حوله: " من لَقِي سُهَيْل بن عَمْرو فَلَا يشد النّظر إِلَيْهِ. فلعمري، إِن سهيلا لَهُ عقل وَشرف، وَمَا مثل سُهَيْل من جهل الْإِسْلَام " فَخرج سُهَيْل مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى حنين وَهُوَ على شركه حَتَّى أسلم بالجعرانة، فَأعْطَاهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من غَنَائِم حنين مائَة من الْإِبِل، وَلم يكن أحد من كبراء قُرَيْش الَّذين أَسْلمُوا يَوْم الْفَتْح أَكثر صَلَاة وَلَا صوما وَلَا صَدَقَة مِنْهُ، وَكَانَ رَقِيق الْقلب، كثير الْبكاء عِنْد قِرَاءَة الْقُرْآن. وَدخل معَاذ إِلَى مَكَّة فَجعل يخْتَلف إِلَى معَاذ يقْرَأ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ رجل: تخْتَلف إِلَى هَذَا الخزرجي، أَلا اخْتلفت إِلَى رجل من قَوْمك، من قُرَيْش، فَقَالَ: هَذَا الَّذِي صنع بِنَا مَا صنع حَتَّى سبقنَا كل السَّبق، لقد رفع الله بِالْإِسْلَامِ أَقْوَامًا لَا يذكرُونَ، فليتنا كُنَّا مَعَهم فتقدمنا، وَلَقَد شهِدت مَوَاطِن أَنا فِيهَا معاند للحق، وَأَنا وليت الْكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>