للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الصِّحَاح وَلَوْلَا أَن يعرض للمتفقه شُبْهَةٌ عِنْدَ سَمَاعِهَا فَيَظُنُّهَا صَحِيحَةً لَكَانَ الْإِضْرَابُ عَنْ ذِكْرِهَا أَوْلَى ويَكْفِي فِي هِجْرَانِهَا إِعْرَاضُ الْمُصَنِّفِينَ لِلْمَسَانِيدِ وَالسُّنَنِ عَنْ جُمْهُورِهَا

وَقَدْ ذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْهَا طَرَفًا فِي سُنَنِهِ فَبين ضعف بَعْضهَا وسكت عَنْ بَعْضُهَا وَقَدْ حَكَى لَنَا مَشَايِخُنَا أَنَّ الدَّارَقُطْنِيُّ لَمَّا وَرَدَ مِصْرَ سَأَلَهُ بَعْضُ أَهْلِهَا تَصْنِيفَ شَيْءٍ فِي الْجَهْرِ فَصَنَّفَ فِيهِ جُزْءًا فَأَتَاهُ بَعْضُ الْمَالَكِيَّةِ فَأَقْسَمَ عَلَيْهِ أَنْ يُخْبِرَهُ بِالصَّحِيحِ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ كُلُّ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْجَهْرِ فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ فَأَمَّا عَنِ الصَّحَابَةِ فَمِنْهُ صَحِيحٌ وَمِنْهُ ضَعِيفٌ

ثُمَّ تَجَرَّدَ أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ لِجَمْعِ أَحَادِيثِ الْجَهْرِ فَأَزْرَى عَلَى عِلْمِهِ بِتَغْطِيَةِ مَا ظَنَّ أَنَّهُ لَا يَنْكَشِفُ وَقَدْ حَصَرْنَا مَا ذَكَرَهُ وَبَيَّنَّا وَهْنَهُ وَوَهْيِهِ عَلَى قَدْرِ مَا يَحْتَمِلُهُ التَّعْلِيقُ وَلَمْ نَرَ أَحَدًا مِمَّنْ صَنَّفَ تَعَالِيقَ الْخِلَافِ ذَكَرَ فِي تَعَالِيقِهِ مَا ذَكَرْنَا وَلَعَلَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَهْتَدِي إِلَى مَا فَعَلْنَا وإِنَّمَا بَسَطْنَا الْكَلَامَ بَعْضَ الْبَسْطِ لِأَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مِنْ أَعْلَامِ الْمَسَائِلِ وَهِيَ شِعَارُ الْمَذْهَبِ مِنَ الْجَانِبَيْنِ وَمَبْنَاهَا عَلَى النَّقْلِ

ثُمَّ إِنَّا بَعْدَ هَذَا نَحْمِلُ جَمِيعَ أَحَادِيثِهِمْ عَلَى أَحَدِ أَمْرَيْنِ إِمَّا أَنْ يَكُونَ جَهَرَ بِهَا لِلتَّعْلِيمِ أَوْ كَمَا يَتَّفِقُ كَمَا رُوِيَ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي بِهِمُ الظُّهْرَ فَيُسْمِعُهُمُ الْآيَة والْآيَتَيْنِ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ أَحْيَانًا وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ قَبْلَ الْأَمْرِ بِتَرْكِ الْجَهْرِ

فَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم كَانَ يَجْهَرُ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَكَانَ مُسَيْلَمَةُ يُدْعَى رَحْمَانَ الْيَمَامَةِ فَقَالَ أَهْلُ مَكَّةَ إِنَّمَا يَدْعُو إِلَهَ الْيَمَامَةِ فَأَمَرَ اللَّهُ رَسُولَهُ بِإِخْفَائِهَا فَمَا جَهَرَ بِهَا حَتَّى مَاتَ وَهَذا يَدُلُّ عَلَى نَسْخِ الْجَهْرِ

- وَأَمَّا مَسْلَكُهُمُ الرَّابِعُ فَجَوَابُهُ أَنَّ الاعْتِمَادَ عَلَى مَا صَحَّ لَا عَلَى مَا كَثُرَ رُوَاتُهُ وَقَدْ دَفَعْنَا وَجْهَ الِاحْتِمَالَ وَبَيَّنَّا أَنَّهَا شَهَادَةٌ مَعْنَاهَا الْإِثْبَاتُ وَإِنْ ظَهَرَتْ فِي صُورَةِ النَّفْيِ بِخِلَافِ حَدِيثِ بِلَالٍ وَإِنَّمَا تَقْتَضِي أَخْبَارَهُمْ الزِّيَادَةُ أَنْ لَوْ صَحَّتْ وهَذَا جَوَابُ قَوْلِهِمْ يَجْمَعُ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ

مَسَأَلَةٌ يَجْهَرُ الْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُ بِآمِينَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يَجْهَرَانِ بِهَا لَنَا حَدِيثَانِ

<<  <  ج: ص:  >  >>