للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

والثالث أبو الحسن المافروخي في أيام حداثته وسلطان ملاحته، فإني داعبته بقولي: رأيتك تحتي!. فقال على لسان دالته: مع ثلاثة مثلي!. فأخجلني وقطعني.

[الباب الثاني عشر]

لطائف الشعراء نظماً

من ظرف امرئ القيس وعجيب شأنه أنه قال في الجاهلية بيتاً جاء فيه بشرائط الجنة مع أنه لا يعرفها، شعر طويل:

ألا عم صباحاً أيها الطلل البالي ... وهل ينعمن ما كان في العصر الخالي

وهل ينعمن إلا سعيدٌ مخلدٌ ... قليل هموم ما يبيت بأوجال

فذكر السعادة التي تجمع خير الدارين، ثم الخلود الذي هو أحسن أحوال أهل الجنة، ثم ذكر قلة الهموم التي هي أجل الرغائب، ثم ذكر الأمن الذي هو أنفس المواهب، ولا مزيد على هذه الأربعة.

بشار بن برد من ظريف شعره خفيف:

أنا والله أشتهي سحر عيني؟ ... ؟ هـ وأخشى مصارع العشاق

ولم أسمع في عشق الآذان أحسن من قوله ولا أظرف بسيط:

يا قوم أذني لبعض الحي عاشقة ... والأذن تعشق قبل العين أحيانا

عبد الملك بن عبد الرحيم أحسن الإفصاح عن هذا البيت وأرسله مثلاً طويل:

وما زرتكم عمداً ولكن ذا الهوى ... إلى حيث يهوى القلب تسعى به الرجل

قال عمر بن شبة: كان سفيان بن عيينة مع زهده وورعه مولعاً بشعر أبي نواس فقال يوماً: أحسن أبو نواس والله في قوله وأبدع وأملح سريع:

بصرت ظبياً حل في مأتم ... يندب شجواً بين أتراب

يبكي فيذري الدمع من نرجس ... ويلطم الورد بعناب

ومن شعره قوله رجز مجزوء:

أربعة مذهبةٌ ... لكل هم وحزن

يحيا بها عينٌ ورو ... حٌ وفؤادٌ وبدن

الماء والقهوة وال؟ ... ؟ بستان والوجه الحسن

وسئل عن أعظم خمرياته فأشار إلى قوله خفيف:

اسقنا إن يومنا يوم رام ... ولرام فضلٌ على الأيام

من شراب ألذ من نظر المع؟ ... شوق في وجه عاشق بابتسام

لا غليظ تنبو الطبيعة عنه ... نبوة السمع عن شنيع الكلام

أبو العتاهية، كان الجاحظ يقول في قوله رجز:

؟ إن الشباب حجة التصابي ... روائح الجنة في الشباب

يعني: كمغنى الطرب الذي ترتاح له القلوب ولا تقدر على وصفه الألسن.

؟ فصل في الذين حصروا أشعارهم على الغزل

[وجعلوه في نهاية الظرف لا يشوبونه بغيره]

العباس بن الأحنف بسيط:

نزوركم لا نكافيكم بجفوتكم ... إن المحب إذا لم يستزر زارا

يقرب الشوق دارا وهي نازحة ... من عالج الشوق لم يستبعد الدارا

أبو حفص الشطرنجي قد أبدع وأملح في جارية سوداء سريع:

أشبهك المسك وأشبهته ... قائمة في لونه قاعده

لا شك إذ لونكما واحد ... أنكما من طينة واحده

أبو عيينة المهلبي بسيط:

جسمي معي غير أن الروح عندكم ... فالروح في غربة والجسم في وطن

فليعجب الناس مني أن لي بدنالا روح فيه ولي روح بلا بدن

وقال أيضاً طويل:

أرى عهدكم كالورد ليس بدائم ... فلا خير فيمن لا يدوم له عهد

وعهدي بكم كالآس حسناً وخضرة ... له بهجة تبقى إذا فني الورد

المؤمل بن أميل المحاربي له هذا البيت السائر الذي يتمثل به بسيط:

إذا مرضتم أتيناكم نعودكم ... وتذنبون فنأتيكم ونعتذر

لا تحسبوني غنياً عن مودتكم ... إني إليكم وإن أيسرت مفتقر

ابن عائشة القرشي أحد الظرفاء، قد أجاد في قوله رمل:

لا ترعني بفراق وبعد ... أنا راض بفراق وبصد

أنت كل الناس عندي فإذا ... غبت عن عيني فلم أنظر أحد

كشاجم أبدع في قوله بسيط:

عهدي بنا ورداء الوصل يجمعنا ... والليل أطول كاللمح بالبصر

فالآن ليلي مذ غابوا فديتهم ... ليل الضرير فصبحي غير منتظر

ولغيره مدحة متقارب:

أبا طلعة القمر الزاهر ... ويا قامة الغصن الناضر

ويا غائباً حاضراً في الفؤاد ... سلاماً على الغائب الحاضر

دعبل بن علي في حسن العهد بسيط:

<<  <   >  >>