للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِانْضِبَاطِ التَّابِعِينَ ; كَالْحُكْمِ لِإِسْنَادٍ مُعَيَّنٍ بِالنَّظَرِ لِصَحَابِيٍّ خَاصٍّ، وَلِكِتَابٍ مُعَيَّنٍ بِالْأَصَحِّيَّةِ. وَقَوْلُ ابْنِ الصَّلَاحِ فِي أَفْرَادِ الْعِلْمِ: الْحَقُّ أَنَّ هَذَا - يَعْنِي قَوْلَهُمْ: لَيْسَ فِي الرُّوَاةِ مَنْ يُسَمَّى كَذَا سِوَى فُلَانٍ - فَنٌّ يَصْعُبُ الْحُكْمُ فِيهِ، وَالْحَاكِمُ فِيهِ عَلَى خَطَرٍ مِنَ الْخَطَأِ وَالِانْتِقَاضِ ; فَإِنَّهُ حَصْرٌ فِي بَابٍ وَاسِعِ الِانْتِشَارِ، قَدْ يُشِيرُ إِلَى الْمَنْعِ مِنْ ذَاكَ بِخُصُوصِهِ ; كَالْحُكْمِ لِسَنَدٍ مُعَيَّنٍ بِأَنَّهُ أَصَحُّ أَسَانِيدِ الدُّنْيَا ; لِاتِّسَاعِهِ وَانْتِشَارِهِ، كَمَا تَقَرَّرَ فِي بَابِهِ مِنْ أَوَّلِ الْكِتَابِ.

(وَفِي نِسَاءِ التَّابِعِينَ الْأَبْدَا) ; أَيْ: أَبْدَأُهُنَّ، بِمَعْنَى: أَوَّلُهُنَّ فِي الْفَضْلِ، (حَفْصَةُ) ابْنَةُ سِيرِينَ ; لِمَا رَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ بِسَنَدِهِ إِلَى هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ إِيَاسِ بْنِ مُعَاوِيَةَ قَالَ: مَا أَدْرَكْتُ أَحَدًا أُفَضِّلُهُ، يَعْنِي عَلَيْهَا. فَقِيلَ لَهُ: وَلَا الْحَسَنُ وَابْنُ سِيرِينَ؟ فَقَالَ: أَمَّا أَنَا فَمَا أُفَضِّلُ عَلَيْهَا أَحَدًا. وَكَذَا قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ نَفْسُهُ، لَكِنْ قَرَنَ مَعَهَا غَيْرَهَا ; فَإِنَّهُ قَالَ: سَيِّدَتَا التَّابِعِينَ مِنَ النِّسَاءِ حَفْصَةُ (مَعْ) بِإِسْكَانِ الْعَيْنِ (عَمْرَةَ) ابْنَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. (وَأُمُّ الدَّرْدَا) بِالْقَصْرِ، يَعْنِي: الصُّغْرَى، وَاسْمُهَا هُجَيْمَةُ أَوْ جُهَيْمَةُ، لَا الْكُبْرَى، فَتِلْكَ صَحَابِيَّةٌ وَاسْمُهَا خَيْرَةُ. وَقَدْ صَنَّفَ سَعِيدُ بْنُ أَسَدِ بْنِ مُوسَى وَغَيْرُهُ فِي فَضَائِلِ التَّابِعِينَ. وَكِتَابُ سَعِيدٍ فِي مُجَلَّدَيْنِ. وَلَمْ يَتَعَرَّضِ ابْنُ الصَّلَاحِ وَأَتْبَاعُهُ لِحُكْمِهِمْ فِي الْعَدَالَةِ وَغَيْرِهَا. وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ، فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى الْقَوْلِ بِهَا فِي جَمِيعِهِمْ، وَإِنْ تَفَاوَتَتْ مَرَاتِبُهُمْ فِي الْفَضِيلَةِ، مُتَمَسِّكًا بِحَدِيثِ: ( «خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ» ) . وَالْجُمْهُورُ عَلَى خِلَافِهِ فِيمَنْ بَعْدَ الصَّحَابَةِ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْمُرْسَلِ، وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنَ التَّنْصِيصِ عَلَى عَدَالَتِهِمْ كَغَيْرِهِمْ. قَالُوا: وَالْحَدِيثُ مَحْمُولٌ فِي الْقَرْنَيْنِ بَعْدَ الْأَوَّلِ عَلَى الْغَالِبِ وَالْأَكْثَرِيَّةِ ; لِأَنَّهُ قَدْ وُجِدَ فِيهِمَا مَنْ وُجِدَتْ فِيهِ الصِّفَاتُ الْمَذْمُومَةُ، لَكِنْ بِقِلَّةٍ فِي أَوَّلِهِمَا،

<<  <  ج: ص:  >  >>