للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرَّفْعُ، بَلْ أَوْلَى، وَابْنُ حَزْمٍ يُخَالِفُ فِيهِ كَمَا تَقَدَّمَ، بَلْ نَقَلَ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْقَطَّانِ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: قَدْ يَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِذَلِكَ مَا هُوَ الْحَقُّ مِنْ سُنَّةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وَجَزَمَ الْبُلْقِينِيُّ فِي مَحَاسِنِهِ بِأَنَّهَا عَلَى مَرَاتِبَ فِي احْتِمَالِ الْوَقْفِ قُرْبًا وَبُعْدًا، فَأَرْفَعُهَا مِثْلُ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " اللَّهُ أَكْبَرُ سُنَّةُ أَبِي الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "، وَدُونَهَا قَوْلُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: " لَا تُلَبِّسُوا عَلَيْنَا سُنَّةَ نَبِيِّنَا، عِدَّةُ أُمِّ الْوَلَدِ كَذَا "، وَدُونَهَا قَوْلُ عُمَرَ لِعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ: " أَصَبْتَ السُّنَّةَ " ; إِذِ الْأَوَّلُ أَبْعَدُ احْتِمَالًا، وَالثَّانِي أَقْرَبُ احْتِمَالًا، وَالثَّالِثُ لَا إِضَافَةَ فِيهِ. انْتَهَى.

وَقَالَ غَيْرُهُ فِي قَوْلِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: الصَّوَابُ فِيهِ: لَا تُلَبِّسُوا عَلَيْنَا دِينَنَا. مَوْقُوفٌ ; فَدَلَّ قَوْلُهُ هَذَا عَلَى أَنَّ الْأَوَّلَ مَرْفُوعٌ، أَمَّا إِذَا صَرَّحَ بِالْآمِرِ ; كَقَوْلِهِ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِكَذَا، أَوْ سَمِعْتُهُ يَأْمُرُ بِكَذَا، فَهُوَ مَرْفُوعٌ بِلَا خِلَافٍ ; لِانْتِفَاءِ الِاحْتِمَالِ السَّابِقِ.

لَكِنْ حَكَى الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ، وَتِلْمِيذُهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ فِي " الْعِدَّةِ " عَنْ دَاوُدَ الظَّاهِرِيِّ وَبَعْضِ الْمُتَكَلِّمِينَ -: أَنَّهُ لَا يَكُونُ حُجَّةً حَتَّى يُنْقَلَ لَفْظُهُ ; لِاخْتِلَافِ النَّاسِ فِي صِيَغِ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ سَمِعَ صِيغَةً ظَنَّهَا أَمْرًا أَوْ نَهْيًا، وَلَيْسَتْ كَذَلِكَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ.

وَقَالَ الشَّارِحُ: إِنَّهُ ضَعِيفٌ مَرْدُودٌ، ثُمَّ وَجَّهَهُ بِمَا لَهُ وَجْهٌ فِي الْجُمْلَةِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>