للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَبِي هُرَيْرَةَ رِوَايَةَ «الْفِطْرَةُ خَمْسٌ» أَوْ (يَنْمِيهِ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ النُّونِ، وَكَسْرِ الْمِيمِ ; كَحَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: كَانَ النَّاسُ يُؤْمَرُونَ أَنْ يَضَعَ الرَّجُلُ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى ذِرَاعِهِ الْيُسْرَى فِي الصَّلَاةِ. قَالَ أَبُو حَازِمٍ: لَا أَعْلَمُ إِلَّا أَنَّهُ يَنْمِي ذَلِكَ.

وَكَذَا قَوْلُهُمْ: يُسْنِدُهُ، أَوْ يَأْثِرُهُ، مِمَّا الْحَامِلُ عَلَيْهِ وَعَلَى الْعُدُولِ عَنِ التَّصْرِيحِ بِالْإِضَافَةِ، إِمَّا الشَّكُّ فِي الصِّيغَةِ الَّتِي سُمِعَ بِهَا أَهِيَ " قَالَ رَسُولُ اللَّهِ "، أَوْ " نَبِيُّ اللَّهِ " أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ ; كَسَمِعْتُ أَوْ حَدَّثَنِي، وَهُوَ مِمَّنْ لَا يَرَى الْإِبْدَالَ، كَمَا أَفَادَ حَاصِلَهُ الْمُنْذِرِيُّ، أَوْ طَلَبًا لِلتَّخْفِيفِ وَإِيثَارًا لِلِاخْتِصَارِ، أَوْ لِلشَّكِّ فِي ثُبُوتِهِ، كَمَا قَالَهُمَا شَيْخُنَا، أَوْ وَرَعًا ; حَيْثُ عَلِمَ أَنَّ الْمَرْوِيَّ بِالْمَعْنَى (رَفْعٌ) أَيْ: مَرْفُوعٌ بِلَا خِلَافٍ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ النَّوَوِيُّ، وَاقْتَضَاهُ قَوْلُ ابْنِ الصَّلَاحِ ; وَكُلُّ هَذَا وَأَمْثَالُهُ كِنَايَةٌ عَنْ رَفْعِ الصَّحَابِيِّ الْحَدِيثَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَحُكْمُ ذَلِكَ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ حُكْمُ الْمَرْفُوعِ صَرِيحًا. انْتَهَى.

وَيَدُلُّ لِذَلِكَ مَجِيءُ بَعْضِ الْمُكَنَّى بِهِ بِالتَّصْرِيحِ ; فَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ لِحَدِيثِ: «الْفِطْرَةُ خَمْسٌ» يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي بَعْضِهَا: " قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي بَعْضِهَا لِحَدِيثِ سَهْلٍ: " يَنْمِي ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي بَعْضِهَا: " قَالَ مَالِكٌ: يَنْمِي أَيْ: يَرْفَعُ الْحَدِيثَ ".

وَالِاصْطِلَاحُ فِي هَذِهِ اللَّفْظَةِ مُوَافِقٌ لِلُّغَةِ، قَالَ أَهْلُهَا: نَمَيْتُ الْحَدِيثَ إِلَى غَيْرِي نَمْيًا، إِذَا أَسْنَدْتُهُ وَرَفَعْتُهُ، وَكَذَا فِي قَوْلِهِ: «وَأَنْهَى أُمَّتِي عَنِ الْكَيِّ» دَلِيلٌ لِذَلِكَ، (فَانْتَبِهْ) لِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ وَمَا أَشْبَهَهَا مِمَّا الِاصْطِلَاحُ عَنِ الْكِنَايَةِ بِهَا عَنِ الرَّفْعِ.

تَتِمَّةٌ: وَقَعَ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ قَوْلُ الصَّحَابِيِّ: " عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَرْفَعُهُ وَهُوَ فِي حُكْمِ قَوْلِهِ: " عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ " وَأَمْثِلَتُهُ كَثِيرَةٌ، مِنْهَا: حَدِيثٌ حَسَنٌ [عِنْدَ الْبَزَّارِ

<<  <  ج: ص:  >  >>