للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَالْأَظْهَرُ وُجُوبُ الِانْكِفَافِ ; يَعْنِي احْتِيَاطًا، [وَقَرِيبٌ مِنْهُ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي الْجَزْمِ بِوُجُوبِ الِانْكِفَافِ بِخَبَرِ الْمَسْتُورِ ; كَمَا سَيَأْتِي فِيهِ مَعَ النِّزَاعِ فِي الْوُجُوبِ بِكَلَامِ النَّوَوِيِّ] .

(فَإِنْ يُقَلْ) عَلَى وَجْهِ الْخَدْشِ فِي الِاعْتِضَادِ بِمُسْنَدٍ: (فَالْمُسْنَدُ) هُوَ (الْمُعْتَمَدُ) حِينَئِذٍ وَلَا حَاجَةَ إِلَى الْمُرْسَلِ، (فَقُلْ) مُجِيبًا بِمَا هُوَ حَاصِلُ كَلَامِ ابْنِ الصَّلَاحِ: إِنَّ الْمُرْسَلَ تَقَوَّى بِالْمُسْنَدِ، وَبَانَ بِهِ قُوَّةُ السَّاقِطِ مِنْهُ، وَصَلَاحِيَتُهُ لِلْحُجَّةِ.

وَأَيْضًا فَكَمَا قَالَ النَّوَوِيُّ - وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ النَّاظِمُ - لِتَضَمُّنِهِ إِبْدَاءَ فَائِدَةِ ذَلِكَ: هُمَا (دَلِيلَانِ) ; إِذِ الْمُسْنَدُ دَلِيلٌ بِرَأْسِهِ، وَالْمُرْسَلُ (بِهِ) أَيِ: الْمُسْنَدِ (يَعْتَضِدُ) ، وَيَصِيرُ دَلِيلًا آخَرَ، فَيُرَجَّحُ بِهِمَا الْخَبَرُ عِنْدَ مُعَارَضَةِ خَبَرٍ لَيْسَ لَهُ سِوَى طَرِيقٍ مُسْنَدٍ.

قَالَ غَيْرُهُ: وَرُبَّمَا يَكُونُ الْمُسْنَدُ حَسَنًا، فَيَرْتَقِي بِالْمُرْسَلِ عَنْ هَذِهِ الْمَرْتَبَةِ، وَلَكِنَّ هَذَا الْإِيرَادَ إِنَّمَا يَأْتِي إِذَا كَانَ الْمُسْنَدُ بِمُفْرَدِهِ صَالِحًا لِلْحُجَّةِ، أَمَّا إِذَا كَانَ مِمَّا يَفْتَقِرُ إِلَى اعْتِضَادٍ فَلَا ; إِذْ كُلٌّ مِنْهُمَا اعْتَضَدَ بِالْآخَرِ، وَصَارَ بِهِ حُجَّةً.

وَلِذَا قَيَّدَهُ الْإِمَامُ الْفَخْرُ الرَّازِيُّ فِي " الْمَحْصُولِ " بِقَوْلِهِ: هَذَا فِي مُسْنَدٍ لَمْ تَقُمْ بِهِ الْحُجَّةُ إِذَا انْفَرَدَ.

أَفَادَهُ شَيْخُنَا، وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ اعْتِضَادُهُ بِهَذَا الْمُسْنَدِ كَاعْتِضَادِهِ بِمُرْسَلٍ آخَرَ ; لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي عَدَمِ الصَّلَاحِيَةِ لِلْحُجَّةِ، وَيَجِيءُ الْقَوْلُ بِعَدَمِ الْفَائِدَةِ فِي ذَلِكَ ; لِأَنَّهُ انْضِمَامٌ غَيْرُ مَقْبُولٍ إِلَى مِثْلِهِ، فَهُوَ بِمَثَابَةِ شَهَادَةِ غَيْرِ الْعَدْلِ إِذَا انْضَمَّتْ إِلَى مِثْلِهَا.

وَلَكِنْ قَدْ أُجِيبَ بِأَنَّ الْقُوَّةَ إِنَّمَا حَصَلَتْ مِنْ هَيْئَةِ الِاجْتِمَاعِ ; إِذْ بِانْضِمَامِ أَحَدِهِمَا إِلَى الْآخَرِ، قَوِيَ الظَّنُّ بِأَنَّ لَهُ أَصْلًا، كَمَا تَقَدَّمَ فِي تَقْرِيرِ الْحَسَنِ لِغَيْرِهِ ;

<<  <  ج: ص:  >  >>