للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَذَا قَيَّدَ فِي تَرْجَمَةِ أَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ الْقَوْلَ بِاسْتِفْسَارِ الْمُجَرِّحِ بِمَا إِذَا كَانَ الْجَرْحُ فِي حَقِّ مَنْ ثَبَتَتْ عَدَالَتُهُ. وَسَبَقَهُ الْبَيْهَقِيُّ فَتَرْجَمَ: " بَابٌ: لَا يُقْبَلُ الْجَرْحُ فِيمَنْ ثَبَتَتْ عَدَالَتُهُ إِلَّا بِأَنْ نَقِفَ عَلَى مَا يُجَرَّحُ بِهِ ".

وَكَذَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: " مَنْ صَحَّتْ عَدَالَتُهُ، وَثَبَتَتْ فِي الْعِلْمِ إِمَامَتُهُ، وَبَانَتْ هِمَّتُهُ فِيهِ وَعِنَايَتُهُ، لَمْ يُلْتَفَتْ فِيهِ إِلَى قَوْلِ أَحَدٍ، إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ الْجَارِحُ فِي جَرْحِهِ بِبَيِّنَةٍ عَادِلَةٍ يَصِحُّ بِهَا جَرْحُهُ عَلَى طَرِيقِ الشَّهَادَاتِ وَالْعَمَلِ بِمَا فِيهَا مِنَ الْمُشَاهَدَةِ لِذَلِكَ بِمَا يُوجِبُ قَبُولَهُ "، انْتَهَى.

وَلَيْسَ الْمُرَادُ إِقَامَةَ بَيِّنَةٍ عَلَى جَرْحِهِ، بَلِ الْمَعْنَى أَنَّهُ يَسْتَنِدُ فِي جَرْحِهِ لِمَا يَسْتَنِدُ إِلَيْهِ الشَّاهِدُ فِي شَهَادَتِهِ، وَهُوَ الْمُشَاهَدَةُ وَنَحْوُهَا.

وَأَوْضَحُ مِنْهُ فِي الْمُرَادِ مَا سَبَقَهُ بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيُّ ; فَإِنَّهُ قَالَ: " وَكُلُّ رَجُلٍ ثَبَتَتْ عَدَالَتُهُ لَمْ يُقْبَلْ فِيهِ تَجْرِيحُ أَحَدٍ حَتَّى يُبَيِّنَ ذَلِكَ بِأَمْرٍ لَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ جَرْحِهِ ".

وَلِذَا كُلِّهِ كَانَ الْمُخْتَارُ عِنْدَ شَيْخِنَا أَنَّهُ إِنْ خَلَا الْمَجْرُوحُ عَنْ تَعْدِيلٍ قُبِلَ الْجَرْحُ فِيهِ مُجْمَلًا، غَيْرَ مُبَيِّنٍ السَّبَبَ إِذَا صَدَرَ مِنْ عَارِفٍ، قَالَ: " لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ تَعْدِيلٌ فَهُوَ فِي حَيِّزِ الْمَجْهُولِ، وَإِعْمَالُ قَوْلِ الْمُجَرِّحِ أَوْلَى مِنْ إِهْمَالِهِ "، قَالَ: " وَمَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي مِثْلِ هَذَا إِلَى التَّوَقُّفِ " انْتَهَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>