للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ ; أَيْ: إِثْبَاتًا وَنَفْيًا، فَأَمَّا مَنْ لَمْ يَكُنْ بِهَذِهِ الصِّفَةِ، وَانْضَمَّ إِلَى ذَلِكَ ضَبْطُهُ لِمَا يَرْوِيهِ مَعَ وَرَعِهِ وَتَقْوَاهُ، فَلَا مَانِعَ مِنْ قَبُولِهِ.

وَقَالَ أَيْضًا: وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الَّذِي يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالْكُفْرِ مَنْ كَانَ الْكُفْرُ صَرِيحَ قَوْلِهِ، وَكَذَا مَنْ كَانَ لَازِمَ قَوْلِهِ، وَعُرِضَ عَلَيْهِ فَالْتَزَمَهُ، أَمَّا مَنْ لَمْ يَلْتَزِمْهُ وَنَاضَلَ عَنْهُ ; فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ كَافِرًا، وَلَوْ كَانَ اللَّازِمُ كُفْرًا، وَيَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى غَيْرِ الْقَطْعِيِّ ; لِيُوَافِقَ كَلَامَهُ الْأَوَّلَ.

وَسَبَقَهُ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ فَقَالَ: الَّذِي تَقَرَّرَ عِنْدَنَا أَنَّهُ لَا تُعْتَبَرُ الْمَذَاهِبُ فِي الرِّوَايَةِ ; إِذْ لَا نُكَفِّرُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ إِلَّا بِإِنْكَارٍ قَطْعِيٍّ مِنَ الشَّرِيعَةِ، فَإِذَا اعْتَبَرْنَا ذَلِكَ انْضَمَّ إِلَيْهِ الْوَرَعُ وَالتَّقْوَى فَقَدْ حَصَلَ مُعْتَمَدُ الرِّوَايَةِ، وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ حَيْثُ يَقْبَلُ شَهَادَةَ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ، قَالَ: وَأَعْرَاضُ الْمُسْلِمِينَ حُفْرَةٌ مِنْ حُفَرِ النَّارِ، وَقَفَ عَلَى شَفِيرِهَا طَائِفَتَانِ مِنَ النَّاسِ: الْمُحَدِّثُونَ وَالْحُكَّامُ، فَأَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى أَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ فَتُقْبَلُ رِوَايَتُهُمْ، كَمَا نَرِثُهُمْ وَنُوَرِّثُهُمْ، وَتُجْرَى عَلَيْهِمْ أَحْكَامُ الْإِسْلَامِ.

وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِذَلِكَ النَّوَوِيُّ، فَقَالَ فِي الشَّهَادَاتِ مِنَ (الرَّوْضَةِ) : جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ لَا يُكَفِّرُونَ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ.

وَقَالَ فِي شُرُوطِ الْأَئِمَّةِ مِنْهَا: وَلَمْ يَزَلِ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ عَلَى الصَّلَاةِ خَلْفَ الْمُعْتَزِلَةِ وَغَيْرِهِمْ،

<<  <  ج: ص:  >  >>