للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَيْخُنَا عَلَى أَنَّ عَازِبًا لَوِ اسْتَمَرَّ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ إِرْسَالِ ابْنِهِ لَاسْتَمَرَّ أَبُو بَكْرٍ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنَ التَّحْدِيثِ، يَعْنِي: فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ لَوْ لَمْ يَجُزْ لَمَا امْتَنَعَ أَبُو بَكْرٍ، وَلَا أَقَرَّ عَازِبًا عَلَيْهِ، وَلَكِنْ لَيْسَ هَذَا بِلَازِمٍ ; لِاحْتِمَالٍ أَنْ يَكُونَ امْتِنَاعُهُ تَأْدِيبًا وَزَجْرًا، وَتَقْرِيرُهُ عَازِبًا فَلِكَوْنِهِ فَهِمَ عَنْهُ قَصْدَ الْمُبَادَرَةِ لِإِسْمَاعِ ابْنِهِ، وَكَوْنِهِ حَاضِرًا مَعَهُ خَوْفًا مِنَ الْفَوَاتِ، لَا خُصُوصَ هَذَا الْمَحْكِيِّ. وَعَلَى هَذَا، فَمَا بَقِيَ فِيهِمَا مُتَمَسَّكٌ.

وَعَلَى كُلِّ حَالٍ، فَقَدْ سَبَقَ لِلْمَنْعِ مِنَ الِاسْتِدْلَالِ بِهِ الْخَطَّابِيُّ وَابْنُ الْجَوْزِيِّ، وَقَالَ: وَمِنِ الْمُهِمِّ هُنَا أَنْ نَقُولَ: قَدْ عُلِمَ أَنَّ حِرْصَ الطَّلَبَةِ لِلْعِلْمِ قَدْ فَتَرَ، لَا بَلْ قَدْ بَطَلَ، فَيَنْبَغِي لِلْعُلَمَاءِ أَنْ يُحَبِّبُوا لَهُمُ الْعِلْمَ، وَإِلَّا فَإِذَا رَأَى طَالِبُ الْأَثَرِ أَنَّ الْإِسْنَادَ يُبَاعُ، وَالْغَالِبُ عَلَى الطَّلَبَةِ الْفَقْرُ، تَرَكَ الطَّلَبَ، فَكَانَ هَذَا سَبَبًا لِمَوْتِ السُّنَّةِ، وَيَدْخُلُ هَؤُلَاءِ فِي مَعْنَى الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ، وَقَدْ رَأَيْنَا مَنْ كَانَ عَلَى مَأْثُورِ السَّلَفِ فِي نَشْرِ السُّنَّةِ بُورِكَ لَهُ فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ مَمَاتِهِ، وَأَمَّا مَنْ كَانَ عَلَى السِّيرَةِ الَّتِي ذَمَمْنَاهَا لَمْ يُبَارَكْ لَهُ عَلَى غَزَارَةِ عِلْمِهِ - انْتَهَى.

وَقَدْ حَكَى ابْنُ الْأَنْمَاطِيِّ الْحَافِظُ قَالَ: رَغَّبْتُ أَبَا عَلِيٍّ حَنْبَلَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْبَغْدَادِيَّ الرَّصَافِيَّ رَاوِيَ مُسْنَدِ أَحْمَدَ فِي السَّفَرِ إِلَى الشَّامِ، وَكَانَ فَقِيرًا جِدًّا،

<<  <  ج: ص:  >  >>