للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عُلَمَاءِ أَفْرِيقِيَّةَ نَقَلَ عَنْ شَيْخٍ مِنْ جِلَّةِ شُيُوخِهَا أَنَّهُ أَشْهَدَ بِالرُّجُوعِ عَمَّا حَدَّثَ بِهِ بَعْضَ أَصْحَابِهِ لِأَمْرٍ نَقَمَهُ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ فَعَلَ مِثْلُ هَذَا بَعْضُ مَنْ لَقِينَاهُ مِنْ مَشَايِخِ الْأَنْدَلُسِ الْمَنْظُورِ إِلَيْهِمْ، وَهُوَ الْفَقِيهُ الْمُحَدِّثُ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَطِيَّةَ ; حَيْثُ أَشْهَدَ بِالرُّجُوعِ عَمَّا حَدَّثَ بِهِ بَعْضَ جَمَاعَتِهِ لِهَوًى ظَهَرَ لَهُ مِنْهُ، وَأُمُورٍ أَنْكَرَهَا عَلَيْهِ. وَلَعَلَّ هَذَا صَدَرَ مِنْهُمْ تَأْدِيبًا وَتَضْعِيفًا لَهُمْ عِنْدَ الْعَامَّةِ، لَا لِأَنَّهُمُ اعْتَقَدُوا صِحَّةَ تَأْثِيرِهِ.

وَقِيَاسُ مَنْ قَاسَ الرِّوَايَةَ هُنَا عَلَى الشَّهَادَةِ غَيْرُ صَحِيحٍ ; لِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الشَّهَادَةِ لَا تَصِحُّ إِلَّا مَعَ الْإِشْهَادِ، لَا كَذَلِكَ الرِّوَايَةُ ; فَإِنَّهَا مَتَى صَحَّ السَّمَاعُ صَحَّتْ بِغَيْرِ إِذْنِ مَنْ سَمِعَ مِنْهُ - انْتَهَى.

وَإِنْ رُوِيَ عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ قَالَ: كُنْتُ آتِي أَبَا هُرَيْرَةَ فَأَكْتُبُ عَنْهُ، فَلَمَّا أَرَدْتُ فِرَاقَهُ أَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: هَذَا حَدِيثُكَ أُحَدِّثُ بِهِ عَنْكَ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَقَدْ قَالَ الْخَطِيبُ: إِنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ. وَصَرَّحَ غَيْرُهُ بِالِاتِّفَاقِ. وَيَلْحَقُ بِالسَّمِعِ فِي ذَلِكَ الْمُجَازُ أَيْضًا، وَمَا أَعْلَمَهُ بِأَنَّهُ مَرْوِيُّهُ مِمَّا لَمْ يُجِزْهُ بِهِ صَرِيحًا كَمَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا.

وَكَذَلِكَ لَا يَضُرُّ (التَّخْصِيصُ) مِنَ الشَّيْخِ لِوَاحِدٍ فَأَكْثَرَ بِالسَّمَاعِ إِذَا سَمِعَ هُوَ، سَوَاءٌ عَلِمَ الشَّيْخُ بِسَمَاعِهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ مِنْ بَابِ أَوْلَى، كَمَا صَرَّحَ بِالْحُكْمِ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ الْإِسْفَرَايِينِيُّ إِذَا سَأَلَهُ أَبُو سَعْدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عُلَيْكٍ النَّيْسَابُورِيُّ عَنْهُ فِي جُمْلَةٍ مِنَ الْأَسْئِلَةِ عِنْدِي فِي جُزْءٍ مُفْرَدٍ، وَعَمِلَ بِهِ النَّسَائِيُّ وَالسِّلَفِيُّ وَآخَرُونَ.

بَلْ وَلَوْ صَرَّحَ بِقَوْلِهِ: أُخْبِرُكُمْ وَلَا أُخْبِرُ فُلَانًا، لَمْ يَضُرَّهُ، وَلَكِنَّهُ لَا يَحْسُنُ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>