للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَعْنَى لَهُ، وَإِذَا قَالَ: حَدِّثْ بِهِ عَنِّي، فَلَا مَعْنَى لِلْمُنَاوَلَةِ، بَلْ هُوَ زِيَادَةُ تَكَلُّفٍ أَخَذَ بِهِ بَعْضُ الْمُحَدِّثِينَ بِلَا فَائِدَةٍ، بَلْ أَطْلَقَ النَّوَوِيُّ فِي تَقْرِيبِهِ حِكَايَةَ الْبُطْلَانِ عَنِ الْفُقَهَاءِ وَأَصْحَابِ الْأُصُولِ، [وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ السَّيْفِ الْآمِدِيِّ ; حَيْثُ اشْتَرَطَ الْإِذْنَ فِي الرِّوَايَةِ] ، وَلَكِنَّ صَنِيعَ ابْنِ الصَّلَاحِ فِي عَدَمِ التَّعْمِيمِ أَحْسَنُ ; لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ جَمَاعَةٍ مِنَ الْأُصُولِيِّينَ - مِنْهُمُ الرَّازِيُّ فِي الْمَحْصُولِ - الْإِذْنَ، بَلْ وَلَا الْمُنَاوَلَةَ، حَتَّى قَالُوا: إِنَّ الشَّيْخَ لَوْ أَشَارَ إِلَى كِتَابٍ وَقَالَ: هَذَا سَمَاعِي مِنْ فُلَانٍ، جَازَ لِمَنْ سَمِعَهُ أَنْ يَرْوِيَهُ عَنْهُ، سَوَاءٌ نَاوَلَهُ إِيَّاهُ أَمْ لَا، خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُحَدِّثِينَ، وَسَوَاءٌ قَالَ لَهُ: ارْوِهِ عَنِّي، أَمْ لَا.

وَقِيلَ: إِنَّهُ لَمْ يَقُلْ بِهِ مِنَ الْأُصُولِيِّينَ سِوَى الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيِّ وَأَتْبَاعِهِ، وَوَجَّهَهُ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ بِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُنَاوِلَ الْكِتَابَ الَّذِي يَشُكُّ فِيمَا فِيهِ، وَقَدْ يَصِحُّ عِنْدَ الْغَيْرِ مِنْ حَدِيثِهِ مَا يُعْتَقَدُ فِي كَثِيرٍ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُحَدِّثُ بِهِ لِعِلَلٍ فِي حَدِيثِهِ هُوَ أَعْرَفُ بِهَا، كَمَا أَنَّهُ قَدْ يَتَحَمَّلُ الشَّهَادَةَ مَنْ لَا يَجُوزُ عِنْدَهُ أَنْ يُقِيمَهَا، وَلَا أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهَا، فَإِذَا أَشْهَدَ عَلَى شَهَادَتِهِ كَانَ ذَلِكَ بِمَثَابَةِ أَدَائِهِ لَهَا، وَعَلِمَ أَنَّهُ فِي نَفْسِهِ عَلَى صِفَةٍ تَجُوزُ إِقَامَتُهُ لَهَا، فَكَذَلِكَ الْإِجَازَةُ وَالْمُنَاوَلَةُ مِنَ الْعَدْلِ الثِّقَةِ - انْتَهَى.

وَقَدْ مَالَ شَيْخُنَا لِلتَّسْوِيَةِ بَيْنَ هَذَا النَّوْعِ وَبَيْنَ ثَانِي النَّوْعَيْنِ أَيْضًا مِنَ الْقِسْمِ بَعْدَهُ، وَقَالَ: إِنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ لِي فَرْقٌ قَوِيٌّ بَيْنَهُمَا إِذَا خَلَا كُلٌّ مِنْهُمَا عَنِ الْإِذْنِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>