للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَقد أَشَارَ بعض الْعلمَاء إِلَى الْوُجُوه الَّتِي ظَهرت لَهُ فِي تَرْجِيح صَحِيح مُسلم فَقَالَ وَالَّذِي يظْهر لي من كَلَام أبي عَليّ أَنه إِنَّمَا قدم صَحِيح مُسلم لِمَعْنى آخر غير مَا نَحن بصدده من الشَّرَائِط الْمَطْلُوبَة فِي الصِّحَّة بل ذَلِك لِأَن مُسلما صنف كِتَابه فِي بَلَده بِحُضُور أُصُوله فِي حَيَاة كثير من مشايخه فَكَانَ يتحرز فِي الْأَلْفَاظ ويتحرى فِي السِّيَاق بِخِلَاف البُخَارِيّ فَإِنَّهُ رُبمَا كتب الحَدِيث من حفظه وَلم يُمَيّز أَلْفَاظ رُوَاته وَلِهَذَا رُبمَا يعرض لَهُ الشَّك وَقد صَحَّ عَنهُ أَنه قَالَ رب حَدِيث سمعنه بِالْبَصْرَةِ فكتبته بِالشَّام

وَلم يتصد لما تصدى لَهُ البُخَارِيّ من استنباط الْأَحْكَام ليبوب عَلَيْهَا حَتَّى لزم من ذَلِك تقطيعه للْحَدِيث فِي أبوابه بل جمع مُسلم الطّرق كلهَا فِي مَكَان وَاحِد وَاقْتصر على الْأَحَادِيث دون الْمَوْقُوفَات فَلم يعرج عَلَيْهَا إِلَّا فِي بعض الْمَوَاضِع على سَبِيل الندرة تبعا لَا مَقْصُودا فَلهَذَا قَالَ أَبُو عَليّ مَا قَالَ مَعَ أَنِّي رَأَيْت بعض أَئِمَّتنَا يجوز أَن يكون أَبُو عَليّ مَا رأى صَحِيح البُخَارِيّ وَعِنْدِي فِي ذَلِك بعد وَالْأَقْرَب مَا ذكرته وَأَبُو عَليّ الْمَذْكُور هُوَ أَبُو عَليّ النَّيْسَابُورِي شيخ الْحَاكِم وَقد نقل عَنهُ ابْن مندة أَنه قَالَ مَا تَحت أَدِيم السَّمَاء أصح من كتاب مُسلم

وَقَالَ بعض شرَّاح كتاب البُخَارِيّ بعد أَن بَين رجحانه على مَا سواهُ من كتب الحَدِيث من جِهَة الصِّحَّة وَأكْثر مَا فضل بِهِ كتاب مُسلم عَلَيْهِ أَنه يجمع الْمُتُون فِي مَوضِع وَاحِد وَلَا يفرقها فِي الْأَبْوَاب ويسوقها تَامَّة وَلَا يقطعهَا فِي التراجم ويحافظ على الْإِتْيَان بألفاظها وَلَا يروي بِالْمَعْنَى ويفردها وَلَا يخلط مَعهَا شَيْئا من أَقْوَال الصَّحَابَة وَمن بعدهمْ

وَقد ذكرنَا ذَلِك فِيمَا سبق

الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة جرت عَادَة كتبة الحَدِيث بِاخْتِصَار بعض أَلْفَاظ الْأَدَاء فِي الْخط دون النُّطْق

<<  <  ج: ص:  >  >>