للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كيْفَ الفخَارُ وقد كانتْ بمعْتَرَكٍ ... يَوْم النِّسارِ بنو ذُبْيانَ أَرْبابَا

لم تَمْنعُوا القوْمَ إِذ شَلُّوا سَوَامَكمُ ... ولا النِّسَاءَ وكانَ القَومُ أَحْزابَا

وحمَى بعد ذلك بني عامرٍ وبني تميمٍ بنو خُوَيْلِدِ بن نُفيْل بن عَمْرو بن كِلابِ، وهم بنو بِنْت الحَرِيش فقالت الفارِعَةُ بنتُ مُعَاوية القُشيْريًّة في كلمةٍ لها:

لَوْلاَ بنُو بِنتِ الحَرِيش تُقُسِّمَت ... بيْنَ القبَائِلِ مازِنٌ والعَنْبَرُ

وقال بِشْرُ بن أَبي خازِمٍ في تَصْداقِ حَدِيثِ غَطَفانَ وبني أَسدٍ وأَنّ بني ضَبَّة استغاثُوهم ودَعَوْهم فأَغاثوهم قَصيدةً أَوّلُها:

عفتْ من سُليْمَى رَامَةٌ فكَثِيبُهَا

وفيها:

أَجَبْنَا بني سَعْدِ بن ضَبّةَ إِذْ دَعَوْا ... وللهِ مَوْلَى دَعْوَةٍ لا يُجِبيبُهَا

وكُنّا إِذا قُلْنا هَوَازِنُ أَقبِلِي ... إِلى الرُّشْدِ لمْ يأْتِ السَّدادَ خَطِيبُهَا

عَطفْنا لهُمْ عَطْفَ الضَّرُوسِ من المَلاَ ... بشهْبَاءَ لا يَمْشِي الضَّرَاءَ رَقيبُهَا

فلمَّا رَأَوْنَا بالنِّسارِ كأَنَّنا ... نَشَاصُ الثُّريّا هَيَّجَتْها جَنُوبُهَا

جعَلْنَ قُشيْراً غايَةً يُهْتدَى بها ... كمَا مَدَّ أَشْطانَ الدِّلاءِ قَليِبُهَا

لَحَوْنَاهُمُ لَحْوَ العِصىّ فَأَقبَلوا ... على آلةٍ يَشْكو الهَوَانَ حَرِيبُهَا

لَدُنْ غُدْوةً حتَّى أَتَى اللَّيْلُ دُونَهمْوَأَدْرَكَ جَرْيَ المُبْقِياتِ لُغُوبُهَا

بني عامِرٍ إِنّا تَرَكْنَا نِسَاءَكمْ ... مِن الشَلِّ والإيجافِ تَدْمَى عُجُوبُها

وقال عبيدُ بنُ الأَبْرص في ذلك، ويَذكُرُ غَضَبَ بني تميمٍ لبني عامِرٍ:

ولَقَد تَطَاوَل بالنِّسارِ لَعامرٍ ... يَوْمٌ تَشِيبُ له الرُّؤُوسُ عَصَبْصَبُ

ولَقَد أَتَاني عن تميمٍ أَنَّهم ... ذَرِبوا لِقَتْلَي عامِرٍ وتَغَضَّبوا

رَغْمٌ لَعَمْرُ أَبِيك عنْدي هَيِّنٌ ... إِنِّي يَهُونُ عَليَّ أَلاَّ يُعْتَبْوا

يَومُ الجِفار

وقال أَبو عُبَيْدَة فلما كانَ على قَرْنِ الحَوْلِ، بعد يوم النِّسَارِ التقَوا بالجِفَار، وعلى الناس جميعاً رُؤساؤُهم الذين كانوا عليهم يوم النِّسار، إلا بني عامر، فإِنّ عبدَ الله بنَ جَعْدةَ بن كَعْبٍ كان رئيسَهم، فاقتتَلُوا قِتَالاً شديداً، فصبرَتْ تميمٌ، فاستَحَرّ بهم الشَّرُّ وببني عَمْرو بن تميم خاصَّةً، وكان يَوْمُ الجِفَار يُسَمَّى يومَ الصَّيْلَم، وهَرَبَ يومئذٍ حاجبُ بن زُرَارَة، فقال بِشر بن أَبي خازِم في فِرَارِهِ وفي غضب تميم لبني عامرٍ يومئذ في قصيدةٍ أَوَّلُها:

لِمَنِ الدِّيارُ غَشِيتُهَا بالأَنْعُمِ

وفيها:

ساِئلْ تَمِيماً في الحُرُوب وعامِراً ... وهَلِ المُجرِبُ مثْلُ مَنْ لم يَعْلَمِ

غَضِبَتْ تَمِيمٌ أَن تُقَتَّلَ عامِرٌ ... يَوْمَ النِّسَارِ فأُعْتِبوا بالصَّيْلَمِ

ففَضَضْنَ جَمْعَهُم وأَفْلَتَ حاجِبٌ ... تَحْتَ العَجاجَةِ في الغُبَارِ الأَقْتَمِ

وهي طويلةٌ. وقال أيضاً في ذلك:

ويَومُ النِّسارِ ويَوْمُ الجِفَا ... رِكانَا عَنَاءً وكانَا غَرَامَا

فأَمَّا تَمِيمٌ تَمِيمُ بنُ مُرٍّ ... فأَلْفَاهُمُ القَوْمُ رَوْبَى نِيَامَا

وأَمَّا بنُو عَامِرٍ بالنِّسارِ ... ويَوْمَ الجِفَارِ فكَانُوا نَعَامَا

وقال عَبِيدُ بن الأَبرص في ذلك:

وغَدَاةَ صَبَّحْنَ الجِفَارَ عَوَابِساً ... يَهْدِي أَوَائلَهُنّ شُعْثٌ قُطَّبُ

لَمّا رأَوْنا بالعَجَاجَة فَوْقَنَا ... والخَيْلُ تَبْدُوا تَارَةً وتغَيَّبُ

جَمْعٌ كأَنَّ سَنَا القَوَانِس فَوْقَنَا ... نارٌ على شَرَفِ اليَفَاعِ تَلَهَّبُ

تَمْشِي بنا أُدْمٌ تَئطُّ نُسُوعُهَا ... خُوصُ العُيُونِ كأَنهنّ الرَّبْرَبُ

<<  <   >  >>