للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تَعْصِبُ الطَّيْرُ عليه كُلَّمَا ... حَاوَلَ النَهْضَ تَأَبَّاهُ النَّزَفْ

فنَأَى مِنِّي وفي حَيزومِه ... مِثْلُ جَيْبِ الدِّرْعِ تَمْكُو وتَكِفْ

ولقَدْ تَعْلَم تَيْمٌ أَنّني ... نِعْمَ حَشْوُ الدِّرْعِ في اليَوْمِ الكَسِفْ

إِذْ لَقِينَا مِن تَمِيمٍ عُصْبَةً ... كقُرُومِ الشَّوْلِ تَمْشِي في الزَّغَفْ

يَوْمَ نادَتْ في وَغَاهَا خِنْدِفاً ... وتَنَادَيْنَا بآبَاءٍ شُرُفْ

من زُهَيْر دُونَ حَيَّيْ مالِكٍ ... وزُهَيْرٌ نِعْمَ مِرْدَاةُ الهَدَفْ

وأَبِي السَّفَّاجُ أَلْفَى خَالِداً ... تَالِدَ المجْدِ وكَعْبٌ قد عُرِفْ

عِصْمَةُ النَّاسِ إِذَا مَا أَمْحَلُوا ... وشِهَابٌ حِينَ تَصْطَكُّ الحَجَفْ

وقالت الحَنْظليَّةُ ترْثِي مَنْ أُصِيبَ منهُم من قصيدَة:

إِنَّ ابْنَ زُرْعَةَ حَسَّاناً وأُسْرَتَه ... جَرُّوا عَلَيْنَا شُؤُوناً ذَاتَ أَشْجَانِ

أَبْقَى ابنُ زُرْعَةَ أَنْوَاحاً مَفَجَّعَةً ... تَفْرِي الجُيُوبَ عَلى عَوْفٍ وحُرْثَانِ

فانْعَيْ عِقَالاً وقَعْقاعاً ومِن عُدُسٍ ... زَيْدَ بنَ عَمْروٍ وأَوْساً وابنَ زَبَّانِ

؟ يَومُ وَادِي الكنْهَلِ

وهو يَومٌ لبني تَغْلِبَ على قَيْسِ بن ثَعْلَبةَ أَغَارَ النُّعْمَانُ بن زُرْعةَ على بكر بن وائلٍ، فأَوْقَع ببني قيس بن ثَعلبةَ، بوادِي الكَنْهَلِ، فاقتتلوا أَشدَّ قِتَالٍ يكونُ، وبَرزَ شَيبانُ بن شِهَابٍ، وهو جَدُّ بني مِسْمَعٍ، فنادَى: هَلْ من مُبَارِزْ؟ فحمَلَ عليه النُّعْمَانُ وطَعَنَهُ فصرَعَهُ، ونادَى ابنُه مِسْمَعٌ: يالَ قيْسِ بنِ ثَعْلبةَ، سيِّدُكم قَحَمَتْهُ الخَيْلُ. ومات من جِرَاحتِه بعد ذلِك، وخرجَ من بعدِهِ هُبَيرةُ بن مالك، فبرَز إِليه رَجلٌ من بني وَائِل بن غَنْمِ بن تَغلِبَ، فطعَنهُ فصَرعَهُ عن الفَرَس: وقُتِلَ الصُّدَيُّ بن ثَعْلَبَةَ ومالكُ بنُ تَيْم، وحَسّانُ بن عَمْرو، في فَوارِسَ من بني قيْس، وصَبَرتْ بنو ضُبَيْعة، حتى أَسْرَعَ القَتْلُ فيهم، وثَبتَتْ بنو سَعْدِ بن مالِك، وبنو مُرّةَ بن عُبادٍ، ثُمَّ انكشفَ القوْمُ، وأَصابَتْ بنو تَغْلِب أُسَارَى كثيرةً وكَفّوا عن النِّساءِ، فقال النُّعمانُ بن زُرعَةَ في ذلك من قَصِيدةٍ:

ولوَ أنَّ سَلَمَى أَبْصَرتْنِيَ في الوَغَى ... وجُمُوعَ قَيْسِ يَوْمَ وَادِي الكَنْهَلِ

وبِرايَتِي هَامَ الكُمَاةِ كَأَنما ... تُذْرِي السُّيُوفُ بها نَقِيف الحَنْظَلِ

يَمْشُون في الزَّغَفِ المُضَاعَفِ نَسْجُه ... مَشْيَ الجِمَالِ إلى الجِمَالِ البُزَّل

في مَأْزِقِ تَدْعُو الأَرَاقِمُ وَسْطَه ... بالمَشْرَفِيّ وبالوَشِيجِ الذُّبَّلِ

أَيْقَنْتِ أَنّ أَباكِ غَيْرُ خِدَبَّةٍ ... رَثِّ السِّلاَحِ ولا اليَرَاعِ الأَعْزَلِ

ودعَوْا ضُبَيْعَةَ ثُمَّ تَيْماً بَعْدَهَا ... وثَنَوْا بثَعْلَبَةَ الأَغَرِّ الأَوَّلِ

فدَعَوْتُ في حَيِّ الأَراقِمِ دَعْوَةً ... خَطِفَتْهُمُ خَطْفَ الخُشَامِ الأَجْدَلِ

وَاعْتَمْتُ شَيْباناً بأَوَّلِ طَعْنَةٍ ... فهَوَى لحُرِّ جَبِينِه في القَسْطَلِ

في فِتيَةٍ بِيضِ الوُجُوهِ كأَنَّهُمْ ... شُهُبٌ تُضِئُ ظَلاَمَ لَيْلٍ مُقْبِلِ

للهِ دَرُّهُمُ فَوَارِسَ بُهْمَةٍ ... لوْ غَيرٍُ تَغْلبَ رَامَها لم يُغْلَلِ

وقالت الجَحْدَرِيَّة:

ألاَ لاَ تَلُومُوا عَلى تَغْلِبٍ ... فإِنّ بني تَغْلبٍ أَوْجَعُونَا

أَشَابُوا الذَّوَائبَ قَبْلَ المَشيبِ ... ونَالُوا عُمَومَتَنَا والْبَنِينَا

وأَوْطَوْا ضُبَيْعةَ يَومَ اللّقَاءِ ... وتَيماً وثَعْلَبَةَ الأَكْرَمِينَا

<<  <   >  >>