للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مُتَسَرِّعِينَ إِلى الهِيَاجِ كأَنَّهم ... أُسْدُ الغَرِيفِ على سَوَاهِمَ ضُمَّرِ

واسْأَلْ بثَعْلَبةَ بنِ قُرَّةَ إِذْ ثَوَى ... تَبْكِي عليه مَآتِمٌ من جَعْفَرِ

نَوْحَي مُفَجَّعةً كأَنّ حَنِينَهَا ... بَعْدَ العِشَاءِ حَنِينُ نِيبٍ حُسَّرِ

غادَرْتُه جَزَراً يَنُوءُ بصَدْرِه ... بَيْنَ الفَوَارِسِ ثَاوِياً لم يُقْبَرِ

يَوم الأَثْلَب

وهو يوم لبني تَغلِبَ على هَوَازِن، وفيه نُكِسَ مُلاعِبُ الأَسِنَّةِ

أَغارَ فُرْطُ بنُ السُّفَيْح بن السَّفّاحِ، في بني تَغلِبَ، على عُليَا هَوازِنَ، بعد ما كَلَّتْ خيْلُهُ وحَفِيَتْ، فأصابَهم جامعينَ بالأَثْلَب، قد حَذِرُوهُ، فقاتلوه قِتالاً شديداً، حتَّى كَثُرَتِ القَتْلَى بين الفَريقَيْن، وانهزَمتْ بنو تَغلِبَ، ثمَّ إِنّ قُرطاً كَشَفَ رأْسَه وصاحَ: يالَ مالِك: يالَ أُسامةَ: إِلى أَينَ؟ وذَمَرَهُم فتَراجَعُوا، وحمَل على أَبي بَرَاءٍ مُلاَعِبِ الأَسِنَّةِ، واسمُهُ عامِرُ بن مالِك بن جَعْفَر بن كِلاَب، وهو يومَئذٍ فارسُ هَوَازِن، فطعَنُه فصَرَعَهُ عن الفَرش، وحامَتْ عليه هَوَازِنُ حتى استَنْقَذَتْهُ، وانهزَمَتْ هَوَازِنُ، وأَتْبَعَهم قُرْطُ بنُ سُفَيْحٍ، لا يَلْحَقُ فارساً إِلاَّ صَرَعَهُ، وغَنِمَ وسَبَى.

وقالَ قُرْطٌ في ذلِكَ:

يا مَيَّ لو أَبْصَرْتِنِ وفَوَارِسي ... حَوْلِي وقدْ هُزِمَتْ فَوَارِسُ تَغْلِبِ

إِذْ قاَلَ فارِسُ عامِرٍ لهَوازنٍ ... لله دَرُّكِ قَدْ قَدَحْتِ فأَثْقبِي

فكَشَفْتُ رَأسِي ثمّ قُلْتُ لِمَالِكٍ ... كُرُّوا عَلَيْهِمْ يا فِدَاؤكُمُ أَبِيِ

فحَمَوْا فَوَارِسَ مالِكٍ من خَلْفِهِمْ ... شَرَقُ الأَسِنَّةِ من دَمٍ مُتصَبِّبِ

لعَرَفْتِ مِنّي أَيّ فارِسِ بُهْمَةٍ ... قُرْطٌ وقَوْمُكِ في العَجَاجِ الأَصْهَبِ

لَوْلاَ فَوَارِسُ مَالِكٍ وكِفَاحُهمْ ... لَهَوَتْ فَوَارِسُنا غَدَاةَ الأَثْلَبِ

ولقدٍْ طَعَنْتُ أَبا بَرَاءٍ طَعْنَةً ... شَرِقَ السِّنَانُ بها وصَدْرُ الثَّعْلَبِ

نَجْلاَءَ تَقْذِفُ بالسيَارِ كَأَنّها ... دَلْوٌ مَتَى ما يَسْبُرُوها تشْعَبِ

وخَرَائِدٍ بِيضِ الوُجُوهِ عَقَائِلٍ ... سَبْيِ الأَرَاقِم أُنَّسٍ كالرَّبْرَبِ

وعيَرَّتْ هَوَازِنُ أَبَا بَرَاءِ بانهِزامه من قُرْطِ بن سُفَيْحٍ فقالَ أَبو بَرَاءٍ عامِرُ بنُ مالكٍ في ذلِكِ:

لعَمْرُك ما طَعْنُ الرَّئيس ببِدْعَةٍ ... خِلاَلَ الوَغَى ذَا نَجْدَةٍ مِن هَوَازِنِ

سَمَوْتُ إِلى الخَيْلِ المُغِيرةِ صبْحَةً ... فعَارَضَنٍ قُرْطٌ بأَسْمَرَ مَارِنِ

فجَاشَتْ به نَفْسِي وللمَرْءِ نَبْوَةٌ ... فكُنْتُ كضِرْغامٍ خَضِيبِ البَرَاثِنِ

نَبَا عِطْفُهُ عن قِرْنِه حَيْثُ لم يَجِدْ ... مَصِيداً بجَأْشٍ في العَجَاجَةِ سَاكِنِ

فإِن أَلْقَ قُرْطاً أَجْزِه حَذْو نَعْلِه ... بَوَاءً وما قُرْطٌ لِتِلْك بآمِنِ

يَومُ جَوِّعَتِيكٍ

وهو يوم لبني تَغْلِبَ على بني قيس بن ثَعْلَبة

<<  <   >  >>