للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأَصْبَحَ في الحَيّ مِن تَغْلِبٍ ... إِذَا نَامَ ذُو سَهَرٍ لم يَنَمْ

وللهِ تَغْلِبُ من مَعْشَرٍ ... إِذَا أَبْدَت الخَوْدُ عَنْهَا الخَدَمْ

هُمُ صَبَّحونَا بمشْبُوبةٍ ... عَلَيْهَا ابنُ قُرْطٍ كلَيْثِ الأَجَمْ

فَوارِسُهَا الشُّمُّ مِن مالكٍ ... وتَيْمٌ هي الأَنْفُ مِنْهَا الأَشَمْ

فأَرْدَوْا فَوَارِسَها المُعَلَمِين ... ولَيْسَ المُصَابُ به كالأَمَمْ

فلاَ تَبْعَثوا الحَرْبَ بَعْد الحِيَادِ ... وأُوبُوا صِغَاراً بقَرْنٍ أَجَمْ

وبَكُّوا عَلى المَعْشَرِ الأَكْرَمِينَ ... غَدَاةَ اللِّقَاءِ بدَمْعٍ سَجِمْ

ثم إِن بِشْرَ بن سَوَّارٍ مَنَّ على الحُطَم وجَزَّ ناصيتَه وأَطْلَقَه.

؟ يَومُ الكُلاَبِ الأولِ

وهو يوم لبني تَغلِبَ على غَسّان ولَخْم وبُطُونٍ من اليمَن، وفيه مَقْتَلُ عَمْرو بن نائِل مَلِكِ لَخْمٍ:

كان ابنُ عُنُق الحَيّةِ واسمُه أَوْفَى بن يَعْفُرَ الَغسّانيّ وعُنُقُ الحَيَّةِ بلُغة حِمْيَر: مَلِكُ الملوك بَعُ مَلِكاً من مُلوكِ غسّانَ يقال له لَبِيدُ بن النمِس ليُملِّكَه على بني تَغلِب، فلمّا قَدِمَ عَلَيْهِم تزوَّجَ امرأةً من بني عِمرَانَ ابنِ تغلبَ يقال لهَا: عمرةُ بنتُ الخُنَابِس ثم إن بني تَغْلبَ كَرِهوا أَنْ يملكوه عليهم، ومَنعوه الإِتَاوةَ، فأَقَامَ على غيرِ ذِمّة فنازعتْه امْرَأَتُهُ الكَلاَمَ، فلَطَمَ وَجْهَها وقال: كأَنَّكِ تُرَيْن أَنّكِ حُرَّةٌ، قالت: وما يَمنَعُني وأَبِي عِمرانُ، وجَدِّي.... الوُجِيهَةُ ابْنَةُ عَمْرو بن عامر ملك الاَزدِ، قال: تلك القَرابَةُ منَعَتك، لولا ذلكِ لشَدَدْتُ شَعرَكِ إِلى ذَنَبِ قَلُوصٍ جَرْباءَ صَعْبَةٍ حتَّى تُقَطّعك.

فخَرجَتِ المرأَةُ حتى أَتتْ كُلَيْباً وهي تَبكي وتقول:

ما كُنْتُ أَخْشَى والحَوَادِثُ جَمّةٌ ... أَنَّأ عَبِيدُ الحَيِّ مِن غَسَّانِ

حتَّى عَلَتْنِي مِنْ لَبِيدٍ لَطْمَةٌ ... سَدِرَتْ لِحَامِي حَرِّهَا العَيْنانِ

لا تَبْرَحوا الدَّهْرَ الجَدِيدَ أَذِلّةً ... شُنْجَ الأَعِنَّةِ يوم كلِّ رِهَانِ

لَوْلاَ الوَجِيهَةُ قَطَّعَتْنِي بَكْرَةٌ ... جَرْبَاءُ مُشْعَلَةٌ مِنَ القَطِرَانِ

وأَعْلَمَتْ كُلَيْباً الخَبَرَ، فقال لها: إِنّي قاتِلُه، وخَرجَ كُليبٌ يَدُورُ في الحَيِّ لَيْلَتَه، فسَمِعَ لَبِيداً وقد أَخَذَ فيه الشَّرَابُ وهو يَتَغَنَّى:

طَالَ لَيْلِي فمَا أَحُسُّ هُجُودَا ... أَرْقُبُ النَّجْمَ للمُغَارِ عَميدَا

مِنْ حَدِيثٍ نَمَى إِليَّ عَنِ المَرْ ... ءِ كُلَيْبٍ فَزَادَ حِقْدِي وَقُودَا

يا بَنِي تَغْلِبٍ عَلاَمَ تَقُولُوا ... نَ كُلَيْبٌ يُهْدِي إِليَّ الوَعِيدَا

نَحْن كُنّا المُلوكَ في عُصُر الدَّهْ ... رِ وكُنْتُمْ فِيم الأَنَاةُ عَبيدَا

إِنّ في مَنْعِك الإِتَاوَةَ حَرْباً ... ونَكَالاً يُشَيِّبانِ الوَلِيدَا

فاقْبَلِي ما أَتَاكِ مِن قِبَل المَل ... ك ولا تَهْلِكِي هَلاَكَ ثَمُودَا

فلمّا سَمِعَ كُليبٌ الغِنَاءَ دخلَ مُغْضَباً على لَبِيد فقتله، وقال: نحن عَبِيدٌ كما قلتَ إِن لم نُغَيِّر. ثم خَرَجَ وهو يقول:

إِن يكنْ قَتلُنا الملوكَ خَطَاءُ ... أَو صَوَاباً فقد قَتَلْنا لَبِيدَا

وخَلَعْنَا المُلوُكَ إِنَّ لنا اليَوْ ... مَ جِيَاداً مَنْسوبَةً وعَديدَا

وحُلوماً لنَا يَعِيشُ بها النّا ... سُ ورُكْناً مِنَ الحِفَاظِ شَدِيدَا

إٍِنْ يُرِدْنَا بكَيْده عُنُقُ الحَيَّ ... ةِ لا أُلْفَ عِنْدَهَا رِعْدِيدَا

نُوقِدُ الحَرْبَ بالذِي عَرَفَ النَّا ... سُ بها تَغلِباً ونُذْكِي الوَقُودَا

ونَرُدُّ الأَنَاةَ ردَّ ذَوِي العِ ... زِّ ولا نَجْعَلُ الحُرُوبَ وَعِيدا

<<  <   >  >>