للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال أبو العباس: لما أن قال أبو بكرة: أشهد إنه لزان، قال عمر: أجلده، قال له على رضى الله عنهما: إذا فارجم صاحبك لأنك قد اعتددت بشهادته فصارت شهادتين، وإنما هي شهادة واحدة أعادها، فلا جلد عليه.

وقال أبو العباس في قوله عز وجل: " الذي أنقض ظهرك " قال: الذي تسمع لصوته نقيضاً من ثقله. " ورفعنا لك ذكر " قال: لا أذكر إلا ذكرت معي.

قال: الوزر: كل ما احتمل الرجل على ظهره. وإنما سمى الوزير وزيراً لأنه يحمل أثقال صاحبه، وهو ها هنا حمل الإثم. " حتى تضع الحرب أوزارها. قال: تسقط آثام أهلها عنهم، أي إذا قاتلوا فاستشهدوا وضعت أوزارهم ومحصت عنهم الذنوب.

" ليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين ". قال: فقيل ليبعد الله ويذهب ذنوب المؤمنين.

" وقدموا لله قانتين ". قال: القنوت: أصله القيام، وهو ها هنا الخضوع.

" الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة ". قال أبو العباس: كانت البغايا تؤاجر نفسها، فقال أصحاب الصفة، وكانوا ممن يتزوج بهن ويأكل مما يكسبن، فأنزل الله عز وجل: " الزاني لا ينكح إلا الزانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين ".

وقال أبو العباس في قوله عز وجل: " إلى المرافق " قال: هي مثل حتى للغاية، والغاية تدخل وتخرج. يقال ضربت القوم حتى زيداً، يكون زيد مضروباً وغير مضروب فيؤخذ ها هنا بالأوثق.

وقال أبو العباس: " هذان خصمان اختصموا في ربهم قال: كان الخصمان واسطة القلادة من الفئتين يوم بدر. والخصم يكون واحداً ويكون جمعاً.

وقال في قوله عز وجل " فدكتا دكة واحدة " قال: أخرج الجبال في لفظ الواحد مع الأرض، لقوله هذه أرض وهذه جبال، فأخرجها على هاتين، كقوله تعالى: " ولله الأسماء الحسنى " ولم يقل الحسن ولا الحسنيات، ولو قال دككن لجمعه، تخرج لفظ الجمع بلفظ الواحد.

يقال: هؤلاء وأولئك، للقليل، وهذه وتلك، للكثير، وهؤلاء النسوة، للقليل، وتلك، للكثير. وإنما ذكر القليل وأنث الكثير لأن القليل مثل الواحد والكثير مثل الجمع. يقال: هذا رجل وهؤلاء رجال. كذلك إذا قال: لإحدى عشرة خلت، ولاثنتي عشرة خلت، ولعشر خلون، فأنث الكثير وذكر القليل. وقرأ: " إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم " فأنث الكثير وذكر القليل. وحدثنا أبو العباس قال: قال الكسائي: كنت أتعجب من العرب، تقول: لعشر مضين ولإحدى عشرة مضت.

قال أبو العباس: ووعدنا يكون من واحد، وواعدنا م اثنين. ويقال: وعدته خيراً وشرا، وإذا لم يذكر الخير ولا الشر قيل في معنى الخير: وعدته، وفي الشر: وعدته. وفي بعض اللغات أوعدته بالشر. وأنشد:

أوعدني بالسجن والأداهم ... رجلى ورجلى شثنة المناسم

قال: وسئل أبو العباس عن مصدر شثنة، بينه ماذا؟ قال: الشثونة. وقال: قال الفراء: إذا لم يسمع في المصدر شئ يشترك في الفعل والفعول. وقال أبو العباس: لأنه أصل المصادر. وأنشد في ذلك:

تقول لي ابنة البكرى ليلى ... أنى منك الترحل والذهوب

قال: والعرب تقول: إيه، بمعنى حدثنا، وإيهاً كف، وواهاً: تعجباً، وويهاً: إغراء. وأنشد:

واهاً لريا ثم واهاً واها

أما قول ذى الرمة:

وقفنا فقلنا إيه عن أم سالم ... وما بال تكليم، الديار البلاقع

فإنه ترك التنوين وبنى على الوقف، ومعناه إيه حدثنا عن أم سالم.

وأنشد:

فيالك من وجه أسيل ومنطق ... رخيم ومن خلق تعلل جادبه

أي ذامه. في الخبر: " جدب لنا عمر السمر أي ذمه. وأنشد لسلامة بن جندل:

كنا نحل إذا هبت شآمية ... بكل واد حطيب البطن مجدوب

شامية: تأتي من نحو الشمال. حطيب البطن: لا شئ فيه إلا الحطب. أي نقيم على دار الحفاظ لئلا نحالف فنذل، ونصبر على الجدب حتى يأتي المطر. ويكون مجدوباً مذموماً ومعيباً.

شيب المبارك مدروس مدافعه ... هابى المراغ قليل الودق موظوب

والدياس والدراس واحد. والمدافع: مدافع الماء إلى الأودية، وهي بطون الأودية وفيها يبقى الكلأ. وهابي المراغ: يرتفع ترابه. قليل الودق: لم يصبه مطر.

يقال محبسها أدنى لمرتعها ... ولو تعادى ببكء كل محلوب

<<  <   >  >>