للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَاجِب فَإِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

قَالَ الْمُسلم أَخ الْمُسلم لَا يُسلمهُ وَلَا يَظْلمه وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام

أنْصر أَخَاك ظَالِما أَو مَظْلُوما وَنصر الظَّالِم دَفعه وَفِي الدّلَالَة نصر الِاثْنَيْنِ وَلِأَن هَذَا بذل مَنْفَعَة لَا ضَرَر فِيهَا فِي حفظ مَال الْمُسلم وَهَذَا من أوجب الْأَشْيَاء كالقضاء وَالشَّهَادَة لَا سِيمَا على أصلنَا فِي إِيجَاب بذل الْمَنَافِع مجَّانا على أحد الْوَجْهَيْنِ وكما يجب للْجَار مَنْفَعَة الْجِدَار وَمَنْفَعَة إمرار المَاء على إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ بل قد توجب دفع الْغَيْر عَن دَمه وَمَاله إِذا رأى نَفسه أَو مَاله يتْلف وَهُوَ قَادر على تخليصه وَقد أوجب القَاضِي وَأَبُو الْخطاب ضَمَان النَّفس على من قدر على تَخْلِيصهَا من هلكه فَلم يفعل كَمَا يضمن من لم يؤد الْوَاجِب من إطعامها وسقيها وَفرق بعض الْأَصْحَاب أَن سَبَب الْهَلَاك هُنَاكَ فعل الْغَيْر وَهنا منع الطَّعَام وَأما تضمين من ترك تَخْلِيص المَال فَفِيهِ نظر

وَأَيْضًا فَإِن ذَلِك من بَاب الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر لِأَن خُرُوج الْحُقُوق عَن أَصْحَابهَا مُنكر وَإِزَالَة الْمُنكر وَاجِبَة بِحَسب الطَّاقَة فَكيف إِذا كَانَ يَزُول بِمُجَرَّد الْبَيَان وَالدّلَالَة وَاجِبا عُوقِبَ على تَركه بِالْحَبْسِ وَالضَّرْب وَكَذَلِكَ لَو كَانَ يعلم مَوضِع من عَلَيْهِ حق لله أَو لآدَمِيّ وَهُوَ يُرِيد استيفاءه من غير ظلم فَإِن الدّلَالَة على النُّفُوس الظالمة للمظلوم كالدلالة على المَال لصَاحبه فَأَما من آوى مُحدثا وكتمه فَإِن هَذَا يُعَاقب بِالضَّرْبِ وَالْحَبْس بِمَنْزِلَة كاتم المَال وَأولى فَإِن كتمان النَّفس ككتمان المَال وَالدّلَالَة عَلَيْهَا من غير الكاتم كالدلالة على المَال

وَهَذَا كُله إِذا ظهر معرفَة المسؤول عَن النَّفس الْمُسْتَحقَّة وَالْمَال الْمُسْتَحق إِمَّا بِإِقْرَارِهِ وَإِمَّا بِبَيِّنَة فَأَما إِذا اتهمَ بذلك فَهُنَا يحبس كَمَا يحبس فِي التُّهْمَة بِنَفس الْحق وَأما ضربه فَهُوَ كالمتهم

وأصل هَذَا أَن الْحق كَمَا يكون عينا من الْأَمْوَال فقد يكون مَنْفَعَة على

<<  <  ج: ص:  >  >>