للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَليّ كَظهر أُمِّي لم يَصح وَشرط فِي الْمُشبه بِهِ كَونه كل أُنْثَى محرم أَو جُزْء أُنْثَى محرم بِنسَب أَو رضَاع أَو مصاهرة لَهُ تكن حلا للزَّوْج كبنته وَأُخْته من نسب ومرضعة أَبِيه أَو أمه وَزَوْجَة أَبِيه الَّتِي نَكَحَهَا قبل وِلَادَته أَو مَعهَا فِيمَا يظْهر بِخِلَاف غير الْأُنْثَى من ذكر وَخُنْثَى لِأَنَّهُ لَيْسَ مَحل التَّمَتُّع وَبِخِلَاف من كَانَت حَلَاله كَزَوْجَة ابْنه وَبِخِلَاف أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِأَن تحريمهن لَيْسَ للمحرمية بل لشرفه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

وَأما أُخْته من الرَّضَاع فَإِن كَانَت وِلَادَتهَا قبل إرضاعه فَلَا يَصح التَّشْبِيه بهَا وَإِن كَانَت بعده صَحَّ وَكَذَا إِن كَانَت مَعَه فِيمَا يظْهر

تَنْبِيه يَصح تأقيت الظِّهَار كَأَنْت عَليّ كَظهر أُمِّي يَوْمًا تَغْلِيبًا للْيَمِين

فَلَو قَالَ أَنْت عَليّ كَظهر أُمِّي خَمْسَة أشهر كَانَ ظِهَارًا مؤقتا وإيلاء لامتناعه من وَطئهَا فَوق أَرْبَعَة أشهر وَيصِح تَعْلِيقه لِأَنَّهُ يتَعَلَّق بِالتَّحْرِيمِ فَأشبه الطَّلَاق فَلَو قَالَ إِن ظَاهَرت من ضرتك فَأَنت عَليّ كَظهر أُمِّي فَظَاهر مِنْهَا فمظاهر مِنْهُمَا عملا بِمُقْتَضى التَّنْجِيز وَالتَّعْلِيق

القَوْل فِي مُضِيّ الْعود فِي الظِّهَار (فَإِذا قَالَ) الْمظَاهر (ذَلِك وَلم يتبعهُ بِالطَّلَاق) بِأَن يمْسِكهَا بعد ظِهَاره زمن إِمْكَان فرقة وَلم يفعل (صَار عَائِدًا) لِأَن تشبيهها بِالْأُمِّ مثلا يَقْتَضِي أَن لَا يمْسِكهَا زَوْجَة فَإِن أمْسكهَا زَوْجَة بعد عَاد فِيمَا قَالَ لِأَن الْعود لِلْقَوْلِ مُخَالفَته

يُقَال قَالَ فلَان قولا ثمَّ عَاد لَهُ وَعَاد فِيهِ أَي خَالفه ونقضه وَهُوَ قريب من قَوْلهم عَاد فِي هِبته

تَنْبِيه هَذَا فِي الظِّهَار المؤبد أَو الْمُطلق وَفِي غير الرَّجْعِيَّة لِأَنَّهُ فِي الظِّهَار الْمُؤَقت إِنَّمَا يصير عَائِدًا بِالْوَطْءِ فِي الْمدَّة كَمَا سَيَأْتِي لَا بالإمساك وَالْعود فِي الرَّجْعِيَّة إِنَّمَا هُوَ بالرجعة وَاسْتثنى من كَلَامه مَا إِذا كرر لفظ الظِّهَار وَقصد بِهِ التَّأْكِيد فَإِنَّهُ لَيْسَ بِعُود على الْأَصَح مَعَ تمكنه بالإتيان بِلَفْظ الطَّلَاق بدل التَّأْكِيد وَمَا تقدم من حُصُول الْعود بِمَا ذكر مَحَله إِذا لم يتَّصل بالظهار فرقة بِسَبَب من أَسبَابهَا فَلَو اتَّصَلت بالظهار فرقة جرت مِنْهُمَا أَو من أَحدهمَا أَو فسخ نِكَاح بِسَبَبِهِ أَو بِسَبَبِهَا أَو بانفساخ كردة قبل الدُّخُول أَو فرقة بِسَبَب طَلَاق بَائِن أَو رَجْعِيّ وَلم يُرَاجع أَو جن الزَّوْج عقب ظِهَاره فَلَا عود وَلَو رَاجع من طَلقهَا عقب ظِهَاره أَو ارْتَدَّ بعد دُخُول مُتَّصِلا ثمَّ أسلم بعد ردته فِي الْعدة صَار عَائِدًا بالرجعة وَإِن لم يمْسِكهَا عقب الرّجْعَة بل طَلقهَا لَا الْإِسْلَام بل هُوَ عَائِد بعده إِن مضى بعد الْإِسْلَام زمن يسع الْفرْقَة وَالْفرق أَن مَقْصُود الرّجْعَة الاستباحة ومقصود الْإِسْلَام الرُّجُوع إِلَى الدّين الْحق فَلَا يحصل بِهِ إمْسَاك إِنَّمَا يحصل بعد (و) إِذا صَار عَائِدًا (لَزِمته الْكَفَّارَة) لقَوْله تَعَالَى {وَالَّذين يظاهرون من نِسَائِهِم ثمَّ يعودون لما قَالُوا}

<<  <  ج: ص:  >  >>