للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زَنَيْت أَو زَنَيْت بِفَتْح التَّاء وَكسرهَا أَو يَا زاني أَو يَا زَانِيَة (فَعَلَيهِ الْمُحْصنَات اي الْآيَة وَقَوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لهِلَال بن أُميَّة حِين قذف زَوجته بِشريك بن سمحاء الْبَيِّنَة أَو حد فِي ظهرك وَلما قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَهُ ذَلِك

قَالَ يَا رَسُول الله إِذا رأى أَحَدنَا على امْرَأَته رجلا ينْطَلق يلْتَمس الْبَيِّنَة فَجعل صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُكَرر ذَلِك فَقَالَ هِلَال وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ نَبيا إِنِّي لصَادِق ولينزلن الله مَا يبرىء ظَهْري من الْحَد فَنزلت آيَة اللّعان

وَلَو قَالَ للرجل يَا زَانِيَة وللمرأة يَا زاني كَانَ قذفا وَلَا يضر اللّحن بالتذكير للمؤنث وَعَكسه كَمَا صرح بِهِ فِي الْمُحَرر

وَلَو خَاطب خُنْثَى بزانية أَو زَان وَجب الْحَد لكنه يكون صَرِيحًا إِن أضَاف الزِّنَا إِلَى فرجيه فَإِن أَضَافَهُ إِلَى أَحدهمَا كَانَ كِنَايَة وَالرَّمْي لشخص بإيلاج ذكره أَو حَشَفَة مِنْهُ فِي فرج مَعَ وصف الْإِيلَاج بِتَحْرِيم مُطلق أَو الرَّمْي بإيلاج ذكر أَو حَشَفَة فِي دبر صَرِيح وَإِنَّمَا اشْترط الْوَصْف بِالتَّحْرِيمِ فِي الْقبل دون الدبر لِأَن الْإِيلَاج فِي الدبر لَا يكون إِلَّا حَرَامًا فَإِن لم يُوصف الأول بِالتَّحْرِيمِ فَلَيْسَ صَرِيحًا لصدقه بالحلال بِخِلَاف الثَّانِي

وَأما اللَّفْظ الثَّانِي وَهُوَ الْكِنَايَة فكقوله زنأت بِالْهَمْز فِي الْجَبَل أَو السّلم أَو نَحوه فَهُوَ كِنَايَة لِأَن ظَاهره يَقْتَضِي الصعُود

وزنيت بِالْيَاءِ فِي الْجَبَل صَرِيح للظهور فِيهِ كَمَا لَو قَالَ فِي الدَّار وَكَقَوْلِه لرجل يَا فَاجر يَا فَاسق يَا خَبِيث

ولامرأة يَا فاجرة يَا فاسقة يَا خبيثة

وَأَنت تحبين الْخلْوَة أَو الظلمَة أَو لَا تردين يَد لامس

وَاخْتلف فِي قَول شخص لآخر يَا لوطي هَل هُوَ صَرِيح أَو كِنَايَة لاحْتِمَال أَن يُرِيد أَنه على دين قوم لوط

وَالْمُعْتَمد أَنه كِنَايَة بِخِلَاف قَوْله يَا لائط فَإِنَّهُ صَرِيح

قَالَ ابْن الْقطَّان وَلَو قَالَ لَهُ يَا بغاء أَو لَهَا يَا قحبة فَهُوَ كِنَايَة

وَالَّذِي أفتى بِهِ ابْن عبد السَّلَام فِي قحبة أَنه صَرِيح وَهُوَ الظَّاهِر وَأفْتى أَيْضا بصراحة يَا مخنث للْعُرْف

وَالظَّاهِر أَنه كِنَايَة فَإِن أنكر شخص فِي الْكِنَايَة إِرَادَة قذف بهَا صدق بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ أعرف بمراده فَيحلف أَنه مَا أَرَادَ قذفه قَالَه الْمَاوَرْدِيّ ثمَّ عَلَيْهِ التعزيز للإيذاء

وَقَيده الْمَاوَرْدِيّ بِمَا إِذا خرج لَفظه مخرج السب والذم وَإِلَّا فَلَا تَعْزِير وَهُوَ ظَاهر

وَأما اللَّفْظ الثَّالِث وَهُوَ التَّعْرِيض فكقوله لغيره فِي خُصُومَة أَو غَيرهَا يَا ابْن الْحَلَال

وَأما أَنا فلست بزان وَنَحْوه كليست أُمِّي بزانية وَلست ابْن خباز أَو اسكافي وَمَا أحسن اسْمك فِي الْجِيرَان فَلَيْسَ ذَلِك بِقَذْف صَرِيح وَلَا كِنَايَة وَإِن نَوَاه لِأَن النِّيَّة إِنَّمَا تُؤثر إِذا احْتمل اللَّفْظ الْمَنوِي وَهَا هُنَا لَيْسَ فِي اللَّفْظ إِشْعَار بِهِ وَإِنَّمَا يفهم بقرائن الْأَحْوَال فَلَا يُؤثر فِيهِ

فاللفظ الَّذِي يقْصد بِهِ الْقَذْف إِن لم يحْتَمل غَيره فصريح وَإِلَّا فَإِن فهم مِنْهُ الْقَذْف بِوَضْعِهِ فكناية وَإِلَّا فتعريض

وَلَيْسَ الرَّمْي بإتيان الْبَهَائِم قذفا وَالنِّسْبَة إِلَى غير الزِّنَا من الْكَبَائِر وَغَيرهَا مِمَّا فِيهِ إِيذَاء

كَقَوْلِه لَهَا زَنَيْت بفلانة أَو أصابتك فُلَانَة

يَقْتَضِي التَّعْزِير للإيذاء لَا الْحَد لعدم ثُبُوته

(وشرائطه) أَي حد الْقَذْف (ثَمَانِيَة ثَلَاثَة مِنْهَا) بل سِتَّة (فِي الْقَاذِف) كَمَا ستعرفه (وَهُوَ أَن يكون بَالغا عَاقِلا) فَلَا حد

<<  <  ج: ص:  >  >>