للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المؤنث للفرق بينهما، وكانت أولى بها لهمسها، ولأنها قد ثبتت علامة للتأنيث في غير هذا الباب.

ثم بينوا حركة الذال بالألف، كما فعلوا في النون من " أنا "، وربما شركوا

المؤنث مع المذكر في الذال واكتفوا، " بالكسرة " والياء فرقا بينهما.

وربما اكتفوا بمجرد لفظ التاء في الفرق فقالوا: " هاتا هند ". وربما جمعوا بين لفظ التاء والكسرة، حرصاً على البيان فقالوا: هات.

وأما في المؤنث الغائب فلا بد من لفظ التاء مع الكسر، لأنه أحوج إلى البيان، للدلالة على الحاضر، فتقول في الغائب: تيك، وربما زادوا اللام للتوكيد - كما زادوها في المذكر الغائب - فقالوا: تلك، إلا أنها ساكنة في المؤنث لئلا تجتمع الكسرات مع التاء، وذلك ثقيل عليهم ومرفوض في كلامهم.

وكانت اللام أولى بهذا الموطن حين أرادوا الإشارة إلى البعيد، فكثروا

الحروف حين كثرت مسافة الإشارة، وقللوها حين قلت، لأن اللام قد وجدت في كلامهم توكيداً، وهذا الموطن موطن توكيد، وقد وجدت بمعنى الإضافة للشيء، وهذا الموطن شبيه به، لأنك إذا أومأت إلى الغائب بالاسم المبهم، فأنت تشير إلى من تخاطب ومقبل عليه لينظر إلى من تشير، إما بالعين وإما بالقلب، ولذلك جئت بالكاف للخطاب فكأنك تقول له: لك أقول، أو: لك أرمز بهذا الاسم.

ففي اللام طرف من هذا المعنى، كما كان ذلك في الكاف، وكما لم تكن

الكاف هنا اسماً مضمراً، لم تكن اللام لام جر، وإنما في كل واحدة منهما طرف من المعنى دون جميعه فلذلك خلعوا من الكاف معنى الاسمية، وبقي فيها معنى الخطاب، واللام كذلك إنما اجتلبت لطرف من معناها الذي وضعت له في باب الإضافة.

وأما دخول " ها " التي للتنبيه على هذه الأسماء، فلأن المخاطب يحتاج إلى

تنبيه على الاسم الذي يشير به إليه، لأن للإشارة قرائن حال يحتاج إلى أن ينظر إليها، فالمتكلم كأنه آمر له بالالتفات إلى المشار إليه أو منبه له، فلذلك اختص

<<  <   >  >>