للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن قيل: وما حمل سيبويه وغيره على أن يجعلوا (مُوحِشاً) حالاً من (طَلَلُ) .

و" قائم " حالاً من رجل، إذا قلت: فيها قائماً رجل، وهو لا يقول بقول الأخفش:

إن قولك: رجل وطللاً فاعل " بالاستقرار الذي تعلق به الجار؟

فلو قال بهذا القول عذرناه، ولكن الاسم النكرة عنده مبتدأ، وخبره في المجرور قبله، ولا بد في خبر المبتدأ من ضمير (يعود) على المبتدأ، تقدم الخبر أو تأخر، فلم لا تكون هذه الحال من ذلك الضمير ولا تكون من النكرة؟ ما الذي دعاهم إلى هذا؟

فالجواب: أن هذا السؤال يجب التقصي (عنه) والاعتناء به؟

فقد كع عنه أكثر الشارحين للكتاب، والمؤلفين في هذا الباب، بل ما رأيت أحداً منهم أشار فيه إلى (جواب) مقنع، وأما أكثرهم فلم يتنبه للسؤال، ولا تعرض إليه بحال.

والذي أقوله - وبالله التوفيق -: أن هذه المسألة في النحو، بمنزلة مسائل الدور في الفقه، ونضرب منه مثالاً فنقول:

رجل شهد مع آخر (في عبد) أنه حر، فعتق العبد وقبلت شهادته، ثم شهد

ذلك الرجل مرة أخرى فأريد تَجريحُه، فشهد العبد المعتق فيه بالجرحة، فإن قبلت شهادته ثبتت جرحة الشاهد، (وإن ثبتت جرحة الشاهد) بطل عتق العبد، وإن بطل عتقُ العبد سقطت شهادته، وإن سقطت شهادته لم يصح جرحة الشاهد، واستدارت المسألة هكذا.

وكل نوع يؤول إلى إسقاط أصله فهو أولى أن يسقط في نفسه.

وكذلك مسألة هذا الفصل:

فأنت إن جعلت الحال من قولك: فيها قائماً رجل، من الضمير، لم يصح

تقدير المضمر إلا مع تقدير فعل يتضمنه، ولا يصح تقدير فعل بعده، مبتدأ، لأن معنى الابتداء يبطل ويصير المبتدأ فاعلاً، وإذا صار فاعلاً بطل أن يكون في الفعل

<<  <   >  >>