للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بحال، ألا ترى كيف رفضوا: ضربت رأسي الزيدين، وعدلوا إلى أن قالوا:

رؤوسهما، لما رأوا المضاف والمضاف إليه كاسم واحد.

هذا مع أن الرؤوس اسم ينفصل عن الإضافة في أكثر الكلام، وكذلك القلوب من قوله تعالى: (صَغَتْ قُلُوبُكُمَا) ، فإذا كانوا قد رفضوا علامة التثنية هناك مع أن الإضافة عارضة فما ظنك بهذا الموضع الذي لا تفارقه الإضافة ولا ننفك عنه؟

فهذا الذي حملهم على أن لا يقولوا: ضربت كل أخويك، ومررت بكلى أخويك وألزموها الألف في جميع الأحوال مع الظاهر، ولم يبعد ذلك كما لم يبعد في لغة طيء وخثعم وبني الحارث بن كعب أن يقولوا: رأيت الزيدان، ومررت بالزيدان، فلم يستنكروا هذا في كلامهم والتزموه بوجود التثنية في الاسم اللازم له، وهو المضاف إليه، فإذا

أضافوه إلى المضمرين قلبوا ألفه في النصب والخفض ياء، لأن المضاف إليه لا يثنى بالياء في نصبه ولا في خفضه، ولكنه أبداً بالألف، كقولك: ضربت كلاهما، ومررت بكليهما، فقد زالت العلة التي رفضوها في كلا أخويك حين لم يجتمع علامتا نصب ولا علامتا خفض في المضمر.

ومن الحجة لهذا القول الآخر أيضا أن (كلا) يفهم من لفظه ما يفهم من لفظ

(كل) ، وهو موافق له في فاء الفعل وعينه، وأما اللام فمحذوفة كما حذفت في كثير من الأسماء فمن ادعى أن لام الفعل " واو "، وأنه من غير لفظ

" كل "، فليس له دليل يعضده ولا اشتقاق يشهد له ويؤيده.

فإن قيل لهم: ولم كسرت الكاف من " كلا " وهي في " كل " مضمومة؟

فلهم أن يقولوا: كسرت إشعاراً وتنبيهاً على معنى الاثنين، كما يبدأ لفظ

الاثنين بالكسر، ألا تراهم كسروا العين من عشرين إشعاراً بتثنية العشر.

ومن حجتهم أن كلتا بمنزلة " بنتا " و " ثنتا "، والألف في " ثنتا " لا خلاف أنها

ألف تثنية، فكذلك كلتاهما.

ومن ادعى أن الأصل فيهما " كلواهما "، فقد ادعى ما تستبعده العقول، ولا

يقوم عليه الدليل ولا البرهان.

<<  <   >  >>