للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن حجتهم أيضاً أن تقول في التوكيد: مررت بإخوتك ثلاثتهم وأربعتهم.

فتؤكد بالعدد فاقتضى القياس أن تقول في الثثنية كذلك: مررت بأخويك اثنيهما، فاستغنوا عنه بكليهما لأنه في معناه، وإذا كان في معناه فهو تثنية مثله -

فإن قيل: فإنك تقول: كلا أخويك جاء، ولا تقول: اثنا أخويك جاء، فكيف يكون في معناه؟

قلنا: العدد الذي تؤكد به إنما يكون توكيداً مؤخراً تابعاً لما قبله، فأما إذا قدم لم يجز ذلك، لأنه في معنى الوصف، والوصف لا يقدم على الموصوف، فلا تقول: ثلاثة إخوتك جاءوني.

وهذا بخلاف كل وكلا، لأن فيهما معنى الإحاطة، فصار كالحرف الداخل

لمعنى فيما بعده، فحسن تقديمهما في حال الإخبار عنهما، وتأخيرهما في حال

التوكيد (بهما) والله المستعان.

* * *

مسألة

(في التوكيد بأجمع وأجمعين)

أما أجمع فاسم يؤكد به الاسم الذي لا يتبعض، ولا يؤكد به من يعقل، لأن

حقيقته لا تتبعض.

فإن قيل: فقد تقول: رأيت زيداً أجمع، إذا رأيته بارزاً من طاق أو نحوه.

فليس هذا توكيداً لزيد في الحقيقة، لأنك لا تريد نفسه وحقيقته، وإنما تريد بدنه أو ما تدرك العين منه.

وأجمع هذا اسم معرفة، تعرف بمعنى الإضافة، لأن معنى

" قبضت المال أجمع " بمعنى " قبضته كله "، فلما كان مضافا في المعنى تعرف ووكد به المعرفة.

وإنما استغنى عن التصريح بلفظ المضاف إليه معه، ولم يستغن عن لفظ

المضاف إليه مع كل إذا قلت: قبضت المال كله، لأن " كلا " تكون توكيداً وغير توكيد،

<<  <   >  >>