للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

معنى التفضيل، ومن حيث دخله معنى التفضيل جمع جمع السلامة، كما يجمع

" أفعل " الذي فيه ذلك المعنى، وجمع مؤنثه على " فعَل " كما يجمع مؤنث ما فيه التفضيل.

وأما أجمع الذي هو توكيد الاسم الواحد، فليس فيه من معنى التفضيل شيء، فكان كباب " أحمر "، ولذلك استغني أن يقال: " كلاهما أجمعان "، كما يقال: " كلهم أجمعون " لأن التثنية أقل من أن تحتاج في توكيدها إلى هذا المعنى فثبت أن " أجمعون " لا واحد له من لفظه، لأنه توكيد لجمع من يعقل، وأنت لا تقول فيمن يعقل: " جاءني زيد أجمع "، فكيف يكون:

" جاءني الزيدون أجمعون " جمعاً له، وهو غير مستعمل في الإفراد؟.

وحكمة هذا ما تقدم من أنهم لا يؤكدون معنى الجمع والتثنية إلا بجمع لا

واحد له من لفظه، أو تثنية لا واحد لها مستعملاً، ليكون توكيداً على الحقيقة، لأن كل جمع ينحل لفظه إلى واحد فهو عارض في معنى الجمع، فكيف يؤكد به معنى الجمع، والتوكيد تحقيق وتثبيت ورفع للبس والإبهام، فوجب أن يكون فيما يثبث لفظاً ومعنى.

وأما حذف التنوين من " جمع " فكحذفه من " سحر "، لأنه مضاف في المعنى.

فإن قيل: ونون الجمع أيضا محذوفة في الإضافة.

قلنا: الإضافة المعنوية لا تقوى على حذف النون المتحركة التي هي كالعوض

من الحركة والتنوين، ألا ترى أن نون الجمع تئبت مع الألف واللام مع أنهما مانع لفظي وتثبت في الوقف، والتنوين بخلاف ذلك، فقويت بالإضافة المعنوية على حذفه، ولم تقو على حذف النون إلا الإضافة اللفظية.

فإن قيل: ولم كانت الإضافة اللفظية أقوى من المعنوية، والعامل اللفظي أقوى من المعنوي؟

قلنا: اللفظ لا يكون إلا متضمناً لمعناه، فاجتمعا معاً، بخلاف المعنى المفرد

عن اللفظ، فوجب أن يكون أضعف، وهذا بديع لمن أنصف.

<<  <   >  >>