للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فلذلك فالوا: علمت أنك منطلق، كما قالوا: أحببت أنك منطلق إلا أنها تخالف كرهت وأحببت وسائر الأفعال، لأنها لا تطلب إلا الحديث خاصة ولا تتعلق إلا به، فمن ثم قالوا: علمت زيداً منطلقاً وزيد - عملت - منطلق،، ولم يقولوا: " كرهت زيداً أخاك، لأنه لا متعلق لكرهت وسائر الأفعال بالحديث، إنما متعلقها الأسماء، إلا أن تمنعها " أن " من العمل في الأسماء، فتصير متعلقة بالحديث، فافهمه.

* * *

[فصل]

إن قيل: فما العامل في هذا الحديث المؤكد بأن من قولك: لو أنك ذاهب

فعلت، لا سيما و (لو) لا يقع بعدها إلا الفعل، ولا فعل ههنا؟

فما موضع (أن) وما بعدها؟.

فالجواب: أن " أن " في معنى التوكيد، وهو تحقيق وتثبيت، فذلك المعنى

الذي هو التحقيق اكتفت به (لو) ، حتى كأنه فعل وليها، ثم عملت ذلك المعنى في الحديث كأنك قلت: " لو ثبت أنك منطلق "، فصارت كأنها من جهة اللفظ عاملة في الاسم الذي هو لفظ، ومن جهة المعنى عاملة في المعنى الذي هو الحديث.

فإن قيل: ألم يتقدم أن لا يعمل عامل معنوي في معمول معنوي؟.

قلنا: هذا في الابتداء حيث لا لفظ يسد مسد العامل اللفظي، فأما ههنا فلو

لشدة مقارنتها للفعل وطلبها له، تقوم مقام اللفظ بالعمل الذي هو التحقيق والتثبيت الذي دلت عليه " أن " بمعناها. ومن ثم عمل حرف النفي المركب مع (لو) من قولك " لولا زيد " عمل الفعل، فصار زيد فاعلاً بذلك المعنى حتى كأنك قلت: لو انعدم زيد، أو: غاب زيد، ما كان كذا وكذا.

ولولا مقارنة (لو) لهذا الحرف لما جاز هذا، لأن الحروف لا تعمل في الأسماء

معانيها أصلاً، فالعامل في هذا الاسم الذي بعد (لولا) كالعامل في هذا الاسم الذي هو الحديث من قولك: " لو أنك ذاهب لفعلت كذا ".

<<  <   >  >>