للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذلك صار الاسم نكرة، تقول: " صمت رمضان ورمضاناً آخر ".

و" صمت الجمعة وجمعة أخرى "، إنما أردت جمعة أسبوعك ورمضان عامك.

وإذا كان نكرة لم يكن إلا شهراً واحداً، كما تكون النكرة في قولك: " ضربت رجلاً "، إنما تريد وأحداً.

وأما إذا كان معرفة يكون بما يدل على التمادي وتوالي

الأعوام، لم يكن حينئذ واحداً، كقولك:

" المؤمن يصوم رمضان "، فهو معرفة لأنك لا تريده لعام بعينه، إذ المعنى: يصوم رمضان من كل عام على التمادي، وذكر

الإيمان قرينة تدل على المراد، ولو لم يكن في الكلام ما يدل على هذا لم يكن

محمله إلا على العام الذي أنت فيه أو عام تقدم له ذكر.

وإذا ثبت هذا فانظر إلى قوله سبحانه:

(شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ) .

وقال - صلى الله عليه وسلم -:

" من صام رمضان إيماناً واحتساباً ".

وقال: " إذا دخل رمضان فتحت. . . " الحديث.

وترك لفظاً الشهر ".

ومحال أن يكون فعل ذلك إيجازاً واختصاراً، لأن القرآن أبلغ إيجازاً وأبين

إعجازاً، ومحال أيضاً أن يدع - عليه السلام - لفظ القرآن مع تحريه لألفاظه، وما علم من عادته من الاقتداء به، فيدع ذلك لغير حكمة، بل لفائدة جسيمة ومعان شريفة اقتضت الفرق بين الموضعبن وقد ارتبك الناس في هذا الباب، فكرهت طائفة منهم أن يقولوا: " رمضان " ولا " شهر رمضان ". واستهوى ذلك الكتاب.

واعتان بعضهم في ذلك برواية منحولة إلى ابن عباس - رضي الله عنه - أن رمضان اسم من أسماء الله تعالى، ولذلك أضيف إليه الشهر، وبعضهم يقول: إن رمضان من الرمضاء، وهو الحر، وتعلق الكراهية بذلك، وبعضهم يقول: إنما هذا استحباب واقتداء بلفظ القرآن.

وقد اعتنى بهذه المسألة أبو عبد الرحمن النسوي، لعلمه وحذقه فقال في

<<  <   >  >>