للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا يحذف، فليس تقديمه على الفعل العامل فيه بأبعد من حذفه.

وأما " زيداً ضربته " فينصب بالقصد إليه، كما قال الشيخ.

* * *

مسألة

(في المصدر)

هاهنا سؤال لطيف، وهو أن يقال: المصدر في اصطلاح النحويين أمصدر هو

أم اسم غير مصدر؟

ومعنى هذا السؤال أن مصدر مفعل، ومفعل يكون عبارة عن

الحدث نحو " ذهبت مذهباً "، ويكون عبارة عن الموضع الذي يكون فيه الفعل، فتسمية النحويين الحدث مصدراً هل هو مفعل الذي يراد به الحدث، أو مفعل الذي يراد به الموضع؟

فإن قلت: هو مفعل الذي يراد به الحدث، خرجت إلى قول الكوفيين في

قولهم: إن المصدر صادر عن الفعل (والفعل) أصل له، وذلك أنك إذا جعلته

مصدراً صار بمعنى الصدور والصدر، وصار الضرب ونحوه إذا سميته مصدراً

كقولك: " رجل صوم وزور وفطر " أي: صائم وزائر ومفطر، فيكون الحدث أيضاً صادراً من حيث جعلت المصدر مفعلًا بمعنى الصدور والصدر.

فإن قلت: وكيف أجعله اسما غير مصدر وهو عبارة عن الحدث، والحدث هو المصدر؟

قلنا: تسمية الحدث عندنا مصدراً على جهة الاستعارة، كأنه الموضع

الذي صدرت عنه الأفعال، والأصل الذي نشأت عنه، ولا بد من المجاز على

القولين جميعاً، لأن الكوفي إذا قال إنه بمعنى " الصدود فلا بد من حذف عنده في تسمية الضرب مصدراً، كما لا بد من حذف في تسمية الرجل صوماً وزوراً، أي: ذو صوم وذو زور.

وإذا جعلناه اسماً للحدث على جهة المجاز والنقل من المصدر الذي

هو المكان فهو مجاز، وتسميته كتسمية الشجاع أسداً، وكتسمية المجاز مجازاً، فإن أصل موضوع المجاز في المحسوسات للشيء مجاز عليه، ثم نقله أهل الصناعة للمعنى الذي تجوز بسببه في نقل الألفاظ عن أصل موضوعها، وتسمية الشيء باسم

<<  <   >  >>