للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[مسألة]

(في دلالة المضارع على الزمان)

فعل الحال لا يكون مستقبلاً وإن حسن فيه " غد "، كما لا يكون الفعل

المستقبل حالاً أبداً، ولا الحال ماضياً، هذا هو اختيار شيخنا رحمة الله عليه.

فإن قلت: كيف يكون حالاً: " يقوم زيد غداً "

وهو واقع في زمان مستقبل؟.

قلنا: إنما ذلك على تقدير الحكاية له إذا وقع، والإشارة إلى صورة الفعل إذا

جاء وقته، كما قال الله سبحانه وتعالى: (وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا) .

والوقوف مستقبل لا محالة، ولكن جاء بلفظ الماضي حكاية لحال يوم الحساب فيه، لا مرتب على وقوف قد ثبت.

وكذلك قوله تعالى: قَالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ) ، (وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ) . وهذا كثير في القرآن، الوقت مستقبل والفعل بلفظ الماضي.

ونحو منه قوله تعالى: (فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ) .

وهذا كله حكاية للحال، إذ ليس شيء منه حاضراً فكذلك:

" يقوم زيد غداً "، و " يذهب بعد غد "، هو حال على التقدير والتصوير لهيئته إذا وقع.

وما أرى هذا الذي ذكره الشيخ إلا صحيحاً، إذ الأصل ألا يحكم للفظين

متغايرين بمعنى واحد إلا بدليل، ولا للفظ واحد بمعنيين إلا بدليل، وقف على هذا الأصل تهتد إلى سواء السبيل.

* * *

[مسألة]

وحروف المضارعة - وإن كانت زوائد - فقد صارت كأنها من أنفس الكلم، وليست كذلك " السين "، و " سوف " وإن كانوا قد شبهوها بحروف المضارعة والحروف الملحقة بالأصول في مسألة (نذكرها) بعد إن شاء الله تعالى، ولذلك تقول: " غداً يقول زيد " و " يوم الجمعة يذهب عمرو "، بتقديم الظرف على الفعل، كما يفعل ذلك

<<  <   >  >>