للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا: " رزقني " كما تقول للمخاطب: " رحمك الله ورزقك،، ونحو ذلك، فقد تبين لك ما تضمنه الدعاء من الخبر في حين الخطاب، ولاح لك خلوه من ذلك المعنى في حال انفرادك برب الأرباب، فقد تدحض اللفظ حين تدحض المعنى، والأمر بمنزلة النهي سواء.

فإن قيل: وكيف لم يخافوا اللبس كما خافوه في النهي؟.

قلنا: للدعاء هيئة ترفع الالتباس، وذكر الله - تعالى - مع الفعل ليس بمنزلة ذكر الناس، فتأمله فإنه بديع في النظر والقياس، فقد جاءت أشياء بلفظ الخبر وهي في معنى الأمر أو النهي، منها قول عمر - رضي الله عنه -:

" جمع رجل عليه ثيابه، صلى رجل في إزار ورداء ". . . الحديث.

وقول العرب: " أنجز حر ما وعد "

و" حلأت حالئة عن كوعها وقول الحارث بن هشام:

" اتقى الله امرؤ. . "

وهو كثير في الكلام، ولكنه في معناه كله الأمر، ولكنه جاء بلفظ الخبر الحاصل قصداً إِلى معنى ثبوته ووجوبه في الديانة والمروءة، كأنهم يريدون بقولهم: " أنجز حر ما وعد أي: ثبت ذلك في المروءة واستقر، وحلأت حالئة، أي: جرى ذلك في العادة واستمر

و" جمع رجل عليه ثيابه " حكم فد وجب في الديانة وظهر وما استمر. فالإشارة إلى هذه المعاني صيرنه إلى هذا البناء، وإن كان في معنى الأمر، ألا ترى أنه لا يجيء بعده الاسم إلا نكرة، لعموم هذا الحكم وشيوع النكرة في جنسها على العموم.

فلو جعلت مكان النكرة في هذه الأفعال اسماً معرفة تدحض فيها معنى الخبر

وزال معنى الأمر فقلت: " اتقي الله زيداً "

و" أنجز عمرو ما وعد "، خبراً لا أمراً.

ومثله - فيما يزعم بعض (الناس أنه خبر في معنى) الأمر والنهي ما يرد

<<  <   >  >>