للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عليك في القرآن والسنة من نحو قوله تعالى: (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ) .

(وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ)

و" لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين "

و" لا يكون المؤمن لعاناً " و " لا يجني جان إلا على نفسه "

وهو كثير وليس هو في الحقيقة خبراً بمعنى أمر، كما لا يكون أمر بمعنى خبر، ولكنها أخبار عما استقر في الشريعة وثبت في الديانة التي نحن مأمورون بها على الجملة، فمن ههنا صرنا مأمورين بتلك

الأفعال، وإن لم تكن على صيغ الأمر والنهي في المقال، والله الموفق للصواب في كل حال.

(وأما وقوع الأفعال المستقبلة بلفظ الماضي) بعد حروف المجازاة فلحكمة

لطيفة، ليس هي ما ذكروه من أن حروف المجازاة تدل على الاستقبال، واستغنوا عن صيغة المستقبل إيثاراً للخفة، لأن هذه العلة لا تستقل بنفسها، إذ يلزم فيما يختص بالمستقبل ولا يقع بعدها لفظ الماضي نحو: لن، وكي، ولام الأمر.

ولكن الحكمة في هذه المسألة أن الفعل بعد حروف المجازاة - وإن كان مستقبلاً - فإنه ماض بالإضافة إلى جوابه، لأن الجواب لا يقع إلا بعده مترتباً عليه، نحو قولك: " إن قام زيد غداً قام عمرو بعده "

فصار " قيام زيد غداً " بالإضافة إلى " قيام عمرو " ماضياً.

فأتوا بلفظ الماضي تأكيداً للجزاء وتحقيقاً لأن الثانى لا يقع إلا بعد الأول، مع ما أمنوا من اللبس حيث حصنت حروف المجازاة المعنى، وقطعت الإشكال.

<<  <   >  >>