للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَلَا تصح الْوكَالَة قطعا صرح بِهِ الرَّافِعِيّ فِي كتاب الْوَصِيَّة وَألْحق بالعبادات الشَّهَادَات والأيمان وَمن الْأَيْمَان الْإِيلَاء وَاللّعان فَلَا يَصح التَّوْكِيل فِي شَيْء مِنْهُمَا بِلَا خلاف وَفِي الظِّهَار وَجْهَان الْأَصَح فِي الرَّوْضَة فِي بَاب الْوكَالَة أَن لَا يَصح تَغْلِيبًا لشبه الْيَمين لَكِن صحّح الرَّافِعِيّ فِي كتاب الظِّهَار أَن الْمُغَلب فِي الظِّهَار شبه الطَّلَاق وَمُقْتَضَاهُ صِحَة التَّوْكِيل وَفِي معنى الْأَيْمَان النّذر وَتَعْلِيق الطَّلَاق وَالْعِتْق وَكَذَا التَّدْبِير على الْمَذْهَب فَلَا يَصح التَّوْكِيل فِي هَذِه الْأُمُور كلهَا وَالله أعلم

(فرع) يشْتَرط فِي الْمُوكل فِيهِ أَن يكون مَعْلُوما من بعض الْوُجُوه وَلَا يشْتَرط علمه من كل وَجه لِأَن الْوكَالَة جوزت للْحَاجة فسومح فِيهَا فَلَو قَالَ وَكلتك فِي كل قَلِيل وَكثير لم يَصح أَو فِي كل أموري فَكَذَلِك لَا يَصح أَو فوضت إِلَيْك كل شَيْء لِأَنَّهُ غرر عَظِيم وَإِن قَالَ وَكلتك فِي بيع أَمْوَالِي وَعتق أرقائي صَحَّ لقلَّة الْغرَر بِالتَّعْيِينِ وَفِي معنى ذَلِك فِي قَضَاء ديوني واسترداد الودائع وَنَحْو ذَلِك وَلَا يشْتَرط أَن تكون أَمْوَاله مَعْلُومَة وَلَو قَالَ فِي بعض أَمْوَالِي وَنَحْوه لم يَصح بِخِلَاف مَا لَو قَالَ أبرئ فلَانا بِشَيْء من مَالِي فَإِنَّهُ يَصح ويبرئه عَن قَلِيل مِنْهُ وَالله أعلم قَالَ (وَالْوكَالَة عقد جَائِز لكل وَاحِد مِنْهُمَا فَسخهَا مَتى شَاءَ وتنفسخ بِمَوْت أَحدهمَا)

الْوكَالَة عقد جَائِز من الطَّرفَيْنِ لِأَنَّهُ عقد إرفاق وَمن تتمته جَوَازه من الطَّرفَيْنِ وَلِأَن الْمُوكل قد يرى الْمصلحَة فِي عَزله لِأَن غَيره أحذق مِنْهُ أَو بِأَن يَبْدُو لَهُ أَن لَا يَبِيع أَو لَا يَشْتَرِي مَا وكل فِيهِ الْوَكِيل وَكَذَا الْوَكِيل قد لَا يتفرغ لما وكل فِيهِ فإلزام كل مِنْهُمَا بذلك فِيهِ ضَرَر ظَاهر

(وَلَا ضَرَر وَلَا ضرار) كَمَا قَالَه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَيفْسخ عقد الْوكَالَة بِمَوْت أَحدهمَا لِأَن هَذَا شَأْن الْعُقُود الْجَائِزَة وَلِأَنَّهُ بِالْمَوْتِ خرج عَن أَهْلِيَّة التَّصَرُّف فبطلت وَلِهَذَا لَو جن أَحدهمَا بطلت وَالْإِغْمَاء كالجنون على الْأَصَح لعدم الْأَهْلِيَّة وكما تبطل الْوكَالَة بِالْمَوْتِ وَنَحْوه كَذَلِك تبطل بِخُرُوج الْمُوكل فِيهِ عَن ملك الْمُوكل كَبَيْعِهِ أَو إِعْتَاقه أَو وَقفه أَو استولد الْجَارِيَة وَلَو جزوها كَانَ عزلاً وَكَذَا لَو أجرهَا وَإِن جَوَّزنَا بيع الْمُسْتَأْجر وَهُوَ الصَّحِيح لِأَن من يُرِيد البيع لَا يُؤجر غَالِبا لقلَّة الرغبات فِي الْعين الْمُسْتَأْجرَة كَذَا نَقله الرَّافِعِيّ عَن الْمُتَوَلِي وَأقرهُ وَالله أعلم قلت فِي هَذَا نظر ظَاهر لِأَن كثيرا من النَّاس يوكلون فِي بيع دُورهمْ ودوابهم ويؤجرونها لِئَلَّا تتعطل عَلَيْهِم مَنَافِع أَمْوَالهم وَالتَّعْلِيل بِمَنْع الرَّغْبَة وَإِن سلم إِلَّا أَنه لَيْسَ بمطرد فَالصَّوَاب الرُّجُوع إِلَى عَادَة البيع وَالله أعلم قَالَ

(وَالْوَكِيل أَمِين فِيهَا لَا يضمن إِلَّا بالتفريط)

<<  <   >  >>