للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

تثبت للشَّرِيك المخالط خلْطَة الشُّيُوع دون الشَّرِيك الْجَار للْحَدِيث السَّابِق وَقَوله فِيمَا يَنْقَسِم دون مَا لَا يَنْقَسِم فِيهِ إِشَارَة إِلَى أَن الْعلَّة فِي ثُبُوت الشُّفْعَة ضَرَر مُؤنَة الْقِسْمَة فَلهَذَا تثبت فِيمَا يقبل الْقِسْمَة وَيجْبر الشَّرِيك فِيهِ على الْقِسْمَة بِشَرْط أَن ينْتَفع بالمقسوم على الْوَجْه الَّذِي كَانَ ينْتَفع بِهِ قبل الْقِسْمَة وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح وَلِهَذَا لَا تثبت الشُّفْعَة فِي الشَّيْء الَّذِي لَو قسم لبطلت منفعَته الْمَقْصُودَة مِنْهُ قبل الْقِسْمَة كالحمام الصَّغِير فَإِنَّهُ لَا يُمكن جعله حمامين وَإِن أمكن كحمام كَبِير ثبتَتْ الشُّفْعَة لِأَن الشَّرِيك يجْبر على قسمته وَكَذَا لَا شُفْعَة فِي الطَّرِيق الضّيق وَنَحْو ذَلِك وَقَوله وَفِي كل مَا لَا ينْقل احْتَرز بِهِ عَن المنقولات أَي لَا تثبت الشُّفْعَة فِي الْمَنْقُول لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

(لَا شُفْعَة إِلَّا فِي ربع أَو حَائِط) وَتثبت فِي كل مَالا ينْقل كالأرض والربوع وَإِذا ثبتَتْ فِي الأَرْض تبِعت الْأَشْجَار والأبنية فِيهَا لِأَن الحَدِيث فِيهِ لفظ الرّبع وَهُوَ يتَنَاوَل الْأَبْنِيَة وَلَفظ الْحَائِط يتَنَاوَل الْأَشْجَار

وَاعْلَم أَنه كَمَا تتبع الْأَشْجَار الأَرْض كَذَلِك تتبع الْأَبْوَاب والرفوف المسمرة للْبِنَاء وكل مَا يتبع فِي البيع عِنْد الاطلاق كَذَلِك هُنَا

وَاعْلَم أَن الْأَبْنِيَة وَالْأَشْجَار إِذا بِيعَتْ وَحدهَا فَلَا شُفْعَة فِيهَا على الصَّحِيح لِأَنَّهَا منقولة وَإِن أريدت للدوام فَإِذا عرفت هَذَا فَلَا شُفْعَة فِي الْأَبْنِيَة وَفِي الأَرْض الْمَوْقُوفَة كالأشجار لِأَن الأَرْض لَا تستتبع وَالْحَالة هَذِه وَكَذَلِكَ الْأَرَاضِي المحتكرة فاعرفه وَالله أعلم قَالَ

(بِالثّمن الَّذِي وَقع عَلَيْهِ البيع وَهِي على الْفَوْر فَإِن أَخّرهَا مَعَ الْقُدْرَة عَلَيْهَا بطلت)

قَوْله بِالثّمن مُتَعَلق بِمَحْذُوف تَقْدِير الْكَلَام أَخذ الشَّفِيع الْمَبِيع بِالثّمن وَالْمعْنَى أَخذ بِمثل الثّمن إِن كَانَ الثّمن مثلِيا أَو بِقِيمَتِه إِن كَانَ مُتَقَوّما وَيُمكن حمل اللَّفْظ على ظَاهره حَيْثُ صَار الثّمن إِلَى الشَّفِيع وَالِاعْتِبَار بِوَقْت البيع لِأَنَّهُ وَقت اسْتِحْقَاق الشُّفْعَة كَذَا علله الرَّافِعِيّ وَنَقله الْبَنْدَنِيجِيّ عَن نَص الشَّافِعِي وَلَو كَانَ الثّمن مُؤَجّلا فَالْأَظْهر أَن الشَّفِيع مُخَيّر بَين أَن يعجل وَيَأْخُذ فِي الْحَال أَو يصبر إِلَى مَحل الثّمن وَيَأْخُذ لأَنا إِذا جَوَّزنَا الْأَخْذ بالمؤجل أضررنا بالمشتري لِأَن الذمم تخْتَلف وَإِن ألزمناه الاخذ بِالْحَال أضررنا بالشفيع لأجل يُقَابله قسط من الثّمن فَكَانَ مَا قُلْنَا دفعا للضررين ثمَّ الشُّفْعَة على الْفَوْر على الْأَظْهر لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

(الشُّفْعَة كحل العقال) مَعْنَاهُ أَنَّهَا تفوت عِنْد عدم الْمُبَادرَة كَمَا يفوت الْبَعِير الشرود إِذا حل عقاله وَلم يبتدر إِلَيْهِ وروى

(الشُّفْعَة

<<  <   >  >>