للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَهُوَ الْقَرَابَة فَيُوجب لكل مِنْهُم على الآخر لشمُول البعضية والشفقة وَلِهَذَا إِنَّمَا تجب بِقرَابَة البعضية وَهِي الْأُصُول وَالْفُرُوع فَيجب للوالد على الْوَلَد وَإِن علا وللولد على الْوَالِد وَإِن سفل لصدق الْأُبُوَّة والبنوة وَلَا فرق فِي ذَلِك بَين الذُّكُور وَالْإِنَاث وَلَا بَين الْوَارِث وَغَيره وَلَا فرق بَين اتِّفَاق الدّين وَالِاخْتِلَاف فِيهِ وَفِي وَجه لَا تجب على مُسلم نفقه كَافِر وَالدَّلِيل على وجوب الانفاق لى الْوَالِدين قَوْله تَعَالَى {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً} وَقَوله تَعَالَى {وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً} وَقَوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أطيب مَا يَأْكُل الرجل من كَسبه وَولده من كَسبه يدل عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى {مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ} يَعْنِي وَلَده وَقد رُوِيَ إِن أَوْلَادكُم هبة من الله وَأَمْوَالهمْ لكم إِذا احتجتم إِلَيْهَا والأجداد والجدات ملحقون بالأبوين إِن لم يدخلُوا فِي عُمُوم الْأُبُوَّة كَمَا ألْحقُوا بهما فِي الْعتْق وَسُقُوط الْقصاص وَغَيرهمَا لوُجُود البعضية

وَإِنَّمَا تجب نَفَقَة الْوَالِدين بِشُرُوط مِنْهَا يسَار الْوَلَد والموسر من فضل عَن قوته وقوت عِيَاله فِي يَوْمه وَلَيْلَته مَا يصرفهُ إِلَيْهِمَا فَإِن لم يفضل فَلَا شَيْء عَلَيْهِ لاعساره وَيُبَاع فِي نَفَقَة الْقَرِيب مَا يُبَاع فِي الدّين من الْعقار وَغَيره لِأَنَّهَا حق مَالِي لَا بدل لَهُ فَأشبه الدّين وَلَو كَانَ الْوَلَد لَا مَال لَهُ إِلَّا أَنه يقدر على الِاكْتِسَاب وَيحصل مَا يفضل عَن كِفَايَته فَهَل يُكَلف الْكسْب فِي خلاف قيل لَا كَمَا لَا يُكَلف الْكسْب لقَضَاء الدُّيُون وَالصَّحِيح أَنه يُكَلف وَبِه قطع الْجُمْهُور لِأَنَّهُ يلْزمه إحْيَاء نَفسه بِالْكَسْبِ وَمِنْهَا أَي من الشُّرُوط أَن لَا يكون لَهما مَال فَإِن كَانَ ويكفيهما فَلَا تجب سَوَاء كَانَا زمنين أَو مجنونين أَو بهما مرض وعمى أم لَا لعدم الْحَاجة وَمِنْهَا أَن لَا يَكُونَا مكتسبين فَإِن كَانَا مكتسبين لم تجب نفقتهما لِأَن الِاكْتِسَاب بِمَنْزِلَة المَال العتيد فَلَو كَانَا صَحِيحَيْنِ إِلَّا أَنَّهُمَا غير مكتسبين فَهَل يكلفان الْكسْب فِيهِ قَولَانِ أصَحهمَا فِي التَّنْبِيه لَا تجب للقدرة على الْكسْب

وَالثَّانِي أَنَّهَا تجب لقَوْله تَعَالَى {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً} وَلَيْسَ من المصاحبة بِالْمَعْرُوفِ تكليفهما الْكسْب وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح عِنْد الرَّافِعِيّ وَالنَّوَوِيّ وَمِنْهُم من قطع بِهِ فَإِن فقدت هَذِه الشُّرُوط وَكَانَا فقيرين زمنين أَو مجنونين أَو بهما عجز من مرض أَو عمى كَمَا قَالَه الْبَغَوِيّ وَجَبت نفقتهما لتحَقّق الْحَاجة وَالله أعلم

<<  <   >  >>