للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فِي قَوْله تَعَالَى {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ} وَمِنْهَا أَن الاحصان ورد بِمَعْنى الْحُرِّيَّة وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} وَمِنْهَا أَنه يرد بِمَعْنى الْعِفَّة وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} وَمِنْهَا إِنَّه يرد بِمَعْنى التَّزْوِيج وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ} وَمِنْهَا إِنَّه يرد بِمَعْنى الْوَطْء وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ} وَيدل على أَن المُرَاد هُنَا هُوَ الْوَطْء فِي نِكَاح صَحِيح مَا ثَبت من قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام لَا يحل دم امرىء مُسلم يشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَنِّي رَسُول الله إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاث الثّيّب الزَّانِي وَالنَّفس بِالنَّفسِ والتارك لدينِهِ المفارق للْجَمَاعَة وَأَجْمعُوا على أَن المُرَاد بالثيوبة هُنَا هُوَ الْوَطْء فِي النِّكَاح الصَّحِيح وَالْمعْنَى فِي ذَلِك أَن الشَّهْوَة مركبة فِي النُّفُوس فَإِذا وطىء فِي النِّكَاح فقد أنالها حَقّهَا فحقه أَن يمْتَنع عَن الْحَرَام وَأَيْضًا إِذا أصَاب امْرَأَته فقد أكد افتراشها فَلَو لطخ غَيره فرَاشه عظمت وحشته فَإِذا لطخ هُوَ فرَاش الْغَيْر غلظت جِنَايَته

إِذا عرفت هَذَا فَيشْتَرط فِي الْمُحصن ثَلَاث صِفَات

الأولى التَّكْلِيف فَلَا حد على صبي وَلَا مَجْنُون لَكِن يؤدبان بِمَا يزجرهما كَسَائِر الْمُحرمَات

الثَّانِيَة الْحُرِّيَّة فَلَيْسَ الرَّقِيق وَالْمكَاتب وَأم الْوَلَد والمبعض بمحصن وَإِن وطئ فِي نِكَاح صَحِيح لِأَن الْحُرِّيَّة صفة كَمَال وَشرف والشريف يصون نَفسه عَمَّا يدنس عرضه بِخِلَاف الرَّقِيق فَإِنَّهُ مبتذل مهان لَا يتحاشى عَمَّا يتحاشى مِنْهُ الْحر وَلِهَذَا قَالَت هِنْد رَضِي الله عَنْهَا عِنْد الْبيعَة أوتزني الْحرَّة

الثَّالِثَة الْوَطْء فِي نِكَاح صَحِيح وَيَكْفِي فِيهِ تغييب الْحَشَفَة وَلَا يشْتَرط كَونه مِمَّن ينزل وَيحصل الاحصان وان كَانَ بِوَطْء حرَام كَالْوَطْءِ فِي الْحيض والاحرام وعدة الشُّبْهَة وَقَول الشَّيْخ فِي نِكَاح صَحِيح احْتَرز بِهِ عَن الْفَاسِد فَإِنَّهُ لَا يحصل الاحصان بِالْوَطْءِ فِيهِ لِأَنَّهُ حرَام فَلَا يحصل بِهِ صفة كَمَال

وَاعْلَم أَنه لَا يشْتَرط الاحصان من الْجَانِبَيْنِ فَإِذا زنى الْبكر بمحصنة أَو عَكسه رجم الْمُحصن مِنْهُمَا وَجلد الآخر وَغرب وَالله أعلم

<<  <   >  >>