للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ذكرهَا بَعضهم قَالَ الْجُمْهُور تُؤْخَذ بِرِفْق كأخذ الدُّيُون فَالصَّوَاب الْجَزْم ببطلانها وردهَا على من اخترعها وَلم ينْقل أَنه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَلَا أحد من الْخُلَفَاء الرَّاشِدين فعل شَيْئا مِنْهَا قَالَ الرَّافِعِيّ وَالأَصَح عِنْد الْأَصْحَاب تَفْسِير الصغار بِالْتِزَام أَحْكَام الْإِسْلَام وجريانها عَلَيْهِم وَقَالُوا أَشد الصغار على الْمَرْء أَن يحكم عَلَيْهِ بِمَا لَا يَعْتَقِدهُ ويضطر إِلَى احْتِمَاله وَالله أعلم

قلت ورد أَن هِشَام بن حَكِيم بن حزَام وجد رجلا وَهُوَ على حمص سمر نَاسا من القبط فِي أَدَاء الْجِزْيَة فَقَالَ مَا هَذَا سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول إِن الله عز وَجل يعذب الَّذين يُعَذبُونَ النَّاس فِي الدُّنْيَا وَقد نَص الشَّافِعِي على ذَلِك أَي على الْأَخْذ بالرفق وَالله أعلم وَمِنْهَا الانقياد لحكم الاسلام من ضَمَان النَّفس وَالْمَال وَالْعرض بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمُسلمين لأَنهم يَعْتَقِدُونَ وجوب ذَلِك وَقد التزموا إِجْرَاء أَحْكَام الْإِسْلَام عَلَيْهِم فَإِن أَتَوا بِمَا يَعْتَقِدُونَ تَحْرِيمه كَالزِّنَا وَالسَّرِقَة أقيم عَلَيْهِم الْحَد لِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام أُتِي بِيَهُودِيٍّ وَيَهُودِيَّة قد زَنَيَا فَأمر بهما فَرُجِمَا وَإِن أَتَوا بِمَا لَا يَعْتَقِدُونَ تَحْرِيمه كشرب الْخمر وَنِكَاح الْمَجُوس والمحارم فَهَل يُقَام عَلَيْهِم الْحَد قيل نعم كَمَا يحد الْحَنَفِيّ بالنبيذ على الْأَصَح مَعَ اعْتِقَاده حلّه وَالْمذهب أَنهم لَا يحدون لأَنهم يقرونَ على الْكفْر بالجزية لأجل اعْتِقَادهم فَكَانَ إقرارهم على مَا يَعْتَقِدُونَ إِبَاحَته أولى وَسَوَاء رَضوا بحكمنا عِنْد الترافع إِلَيْنَا أم لَا ويخالفون الْحَنَفِيَّة فَإِن الْمَعْنى الَّذِي لأجل حد شَارِب الْخمر مَوْجُود فِي النَّبِيذ قطعا فأطرح الْخلاف والحنفي مزجور بِالْحَدِّ بِخِلَاف الذِّمِّيّ فَإِنَّهُ يشرب الْخمر استحلالاً وتديناً وعَلى كل حَال فَلَيْسَ لَهُم إِظْهَار ذَلِك فَإِن أظهروه وعزروا وَالله أعلم

وَمِنْهَا كف اللِّسَان والامتناع من إِظْهَار الْمُنْكَرَات كإسماع الْمُسلمين شركهم وَقَوْلهمْ ثَالِث ثَلَاثَة تَعَالَى الله عَمَّا يصفونَ واعتقادهم فِي الْمَسِيح والعزير عَلَيْهِمَا الصَّلَاة وَالسَّلَام أَنَّهُمَا ابْنا الله تَعَالَى وَيمْنَعُونَ أَيْضا من إِظْهَار قراءتهم الْإِنْجِيل والتوراة والناقوس وَنَحْو ذَلِك فَإِن أظهرُوا شَيْئا من ذَلِك عزروا وَمنعُوا وَلَكِن لَا ينْتَقض الْعَهْد بذلك وَإِن شَرط عَلَيْهِم الِامْتِنَاع من ذَلِك بِخِلَاف مَا لَو قَاتلُوا وامتنعوا من الْجِزْيَة وَمن اجراء أَحْكَام الاسلام فَإِنَّهُ ينْتَقض عَهدهم وَلَو تزوج بِمسلمَة ذمِّي أَو زنى بهَا أَو دلّ أهل الْحَرْب على عَورَة الْمُسلمين أَو فتن مُسلما عَن دينه أَو طعن فِي الْإِسْلَام أَو الْقُرْآن أَو ذكر سيد الْأَوَّلين والآخرين صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِسوء فَالْأَصَحّ أَنه إِن شرطنا انْتِقَاض الْعَهْد بذلك انْتقض وَإِلَّا فَلَا وَلَو قطعُوا الطَّرِيق أَو أَتَوا بِالْقَتْلِ الَّذِي يُوجب الْقصاص فَالْمَذْهَب أَنه كَالزِّنَا بِمسلمَة وَقيل كالقتال وَمن الْأُمُور الَّتِي فِيهَا ضَرَر على الْمُسلمين إيواء عُيُون الْكفَّار وَهُوَ كَمَا إِذا تطلع على عَورَة

<<  <   >  >>