للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَالْأَعْمَى لَا يشاهدهم فَلَا يعرف عدالتهم قَالَ القَاضِي أَبُو الطّيب وَهَذَا يَعْنِي الْقبُول مَحْمُول على مَا إِذا سمع ذَلِك فِي دفعات وتكرر من قوم مُخْتَلفين فِي أزمان حَتَّى يتيقنه وَيصير كالتواتر عِنْده وَلَا يجوز التَّحَمُّل إِلَّا على هَذَا الْوَجْه وكما تجوز الشَّهَادَة فِي هَذِه الْمَوَاضِع كَذَلِك تجوز شَهَادَته فِي التَّرْجَمَة على الْأَصَح وَكَذَا تجوز شَهَادَة الْأَعْمَى على المضبوط وَصُورَة الْمَسْأَلَة أَن يقر شخص فِي أُذُنه بِشَيْء فيمسكه إِمَّا بِأَن يضع يَده على رَأسه أَو بِأَن يمسك بِيَدِهِ ويحمله إِلَى القَاضِي وَيشْهد عَلَيْهِ بِمَا قَالَه فِي أُذُنه لحُصُول الْعلم بذلك هَذَا هُوَ الْأَصَح وَفِي وَجه لَا يقبل لجَوَاز أَن يكون الْمقر غَيره وَهُوَ بعيد قَالَ القَاضِي حُسَيْن وَمحل الْخلاف إِذا جَمعهمَا مَكَان خَال وألصق فَاه بِإِذْنِهِ وَضَبطه فَلَو كَانَ هُنَاكَ جمَاعَة وَأقر فِي أُذُنه لم يقبل وَكَذَلِكَ تقبل شَهَادَة الْأَعْمَى فِيمَا تحمله قبل الْعَمى بِشَرْط أَن يعرف اسْم الْمَشْهُود عَلَيْهِ وَنسبه لِأَن الْأَعْمَى كالبصير فِي الْعلم بذلك والبصير لَهُ أَن يشْهد وَالْحَالة هَذِه وَإِن لم ير الْمَشْهُود عَلَيْهِ لغيبة أَو موت فَكَذَلِك الْأَعْمَى وَالله أعلم

قلت وأيد ابْن الصّلاح احْتِمَالا فِي إِلْحَاق مَوضِع سادس وَهُوَ أَن يألف شخصا وَيعرف صورته ضَرُورَة فَيَنْبَغِي أَن يجوز أَن يشْهد عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يَقِين وَلِهَذَا قَالَ أَصْحَابنَا لَهُ أَن يشْهد بالاستفاضة وَهَذَا الَّذِي قَالَه ابْن الصّباغ أوردهُ بَعضهم سؤالاً وَقَالَ يَنْبَغِي إِذا عرف صَوت شخص وألفه أَن تسمع شَهَادَته عَلَيْهِ كَمَا أَن لَهُ أَن يطَأ زَوجته بِمثل ذَلِك

وَأجِيب بِأَن وَطْء الزَّوْجَة أَحَق بِدَلِيل أَنه أُبِيح لَهُ الْوَطْء اعْتِمَادًا على اللَّمْس إِذا عرف بِهِ عَلامَة فِيهَا وَيقبل خبر الْوَاحِدَة إِذا زفتها إِلَيْهِ وَقَالَت إِنَّهَا زَوجته وَلَا تجوز الشَّهَادَة بِمثل ذَلِك وَالله أعلم

(فرع) تقبل رِوَايَة الْأَعْمَى فِيمَا تحمله قبل الْعَمى بِلَا خلاف وَكَذَا فِيمَا تحمله بعد الْعَمى على الْأَصَح إِذا حصلت الثِّقَة الظَّاهِرَة بقوله وَصحح الإِمَام مُقَابِله

فَإِن قلت مَا الْفرق بَين الرِّوَايَة وَالشَّهَادَة فَالْجَوَاب قَالَ الْقَرَافِيّ بقيت زَمَانا أتطلب الْفرق بِالْحَقِيقَةِ فَلم أجد الْأَكْثَرين يفرقون بالحكم كاشتراط الْعَدَالَة وَالْحريَّة والذكورة وَحَاصِل الْفرق أَن الْمخبر عَنهُ إِن كَانَ أمرا عَاما لَا يخْتَص بِمعين فَهَذِهِ الرِّوَايَة فَإِن اخْتصَّ بِمعين فَهُوَ شَهَادَة كَقَوْل الْعدْل للْحَاكِم لهَذَا على هَذَا كَذَا وَالله أعلم قَالَ

(وَلَا تجوز شَهَادَة الْجَار لنَفسِهِ نفعا وَلَا الدَّافِع عَنْهَا ضَرَرا)

من شَرط الشَّهَادَة عدم التُّهْمَة وللتهمة أَسبَاب مِنْهَا أَن يجر إِلَى نَفسه نفعا وَذَلِكَ كَشَهَادَة الْوَارِث لمورثه بجراحة قبل الِانْدِمَال حَيْثُ كَانَت مِمَّا تسري لِأَن الشَّاهِد هُوَ مُسْتَحقّ مُوجب الْجراحَة فَيصير شَاهدا لنَفسِهِ وَكَذَلِكَ أَيْضا لَا تصح شَهَادَة الْغُرَمَاء للْمُفلس بعد الْحجر لِأَن حُقُوقهم تتَعَلَّق بِمَا يثبتونه فَتَصِير شَهَادَة لأَنْفُسِهِمْ وَكَذَا لَا تصح شَهَادَة الْوَصِيّ للْيَتِيم وَالْوَكِيل

<<  <   >  >>