للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَالصديق الْحَمِيم فَيَقُولُونَ لَهُ أَنْت تَمُوت يَا فلَان وَقد سبقناك فِي هَذَا الشَّأْن فمت يَهُودِيّا فَهُوَ الدّين المقبول عِنْد الله تَعَالَى فَإِذا أَبى جَاءَهُ آخَرُونَ وَقَالُوا لَهُ مت نَصْرَانِيّا فَإِنَّهُ دين الْمَسِيح وَقد نسخ فِيهِ دين مُوسَى ويذكرون لَهُ عقائد كل مِلَّة فَعِنْدَ ذَلِك يزِيغ الله من يُرِيد زيغه فَإِذا أَرَادَ الله بِعَبْد هِدَايَة وتثبيتا جَاءَهُ جِبْرِيل فيطرد عَنهُ الشَّيَاطِين وَيمْسَح الشحوب عَن وَجهه فيبتسم وَكَثِيرًا من يرى مُتَبَسِّمًا فِي هَذَا الْمقَام فَرحا بالبشير الَّذِي جَاءَهُ رَحْمَة من الله تَعَالَى فَيَقُول لَهُ يَا فلَان أما تعرفنِي أَنا جِبْرِيل وَهَؤُلَاء أعداؤك من الشَّيَاطِين مت على الْملَّة الحنيفية والشريعة الجليلة فَمَا شَيْء أحب إِلَى الْإِنْسَان وأفرح مِنْهُ بذلك الْملك ثمَّ يقبض روحه

والمحبوب عِنْد الْمَوْت من صُورَة المحتضر الهدوء والسكون وَمن لِسَانه النُّطْق بِالشَّهَادَتَيْنِ وَمن قلبه أَن يكون حسن الظَّن بِاللَّه تَعَالَى فالمطلوب مِنْهُ فِي هَذِه الْحَالة قُوَّة الرَّجَاء فيرجو من الله الْمَغْفِرَة وَالرَّحْمَة والتجاوز عَمَّا مضى وَيكون رَاضِيا منقادا ممتثلا طيب الْقلب بِمَا يرد عَلَيْهِ من السكرات والنزعات مستحضرا أَن عَاقِبَة ذَلِك خير عَظِيم لِأَنَّهُ لَو ضَاقَ صَدره بذلك يخْشَى عَلَيْهِ من سوء الخاتمة وَالْعِيَاذ بِاللَّه تَعَالَى وَيكون مُسْتَبْشِرًا بالقدوم على الْكَرِيم الَّذِي لَا يخيب من قَصده كَمَا نقل مثل ذَلِك عَن السّلف الصَّالح فقد فتح عبد الله بن الْمُبَارك عَيْنَيْهِ عِنْد الْوَفَاة وَضحك وَقَالَ لمثل هَذَا فليعمل الْعَامِلُونَ

وَمن عَلَامَات السَّعَادَة عِنْد الْمَوْت عرق الجبين وذرف الْعين وانتشار المنخر

رُوِيَ عَن سلمَان الْفَارِسِي رَضِي الله عَنهُ قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول ارقبوا الْمَيِّت عِنْد مَوته ثَلَاثًا

إِن رشح جَبينه وذرفت عَيناهُ وانتشر منخراه فَهُوَ رَحْمَة من الله قد نزلت بِهِ وَإِن غط غطيط الْبكر المخنوق وأخمد لَونه وأزبد شدقاه فَهُوَ عَذَاب من الله قد حل بِهِ اه

وَقد تظهر العلامات الثَّلَاث وَقد تظهر وَاحِدَة أَو ثِنْتَانِ بِحَسب تفَاوت النَّاس فِي الْأَعْمَال

وَأما عَلامَة ذَلِك فِي حَال الصِّحَّة فتوفيقه للْعَمَل بِالسنةِ على قدر الطَّاقَة

وَحَيْثُ احْتضرَ يُوَجه للْقبْلَة بِمقدم بدنه على جنبه الْأَيْمن إِن أمكن فَإِن تعسر فعلى جنبه الْأَيْسَر فَإِن تعسر فعلى ظَهره وَحِينَئِذٍ يَجْعَل وَجهه وأخمصاه للْقبْلَة وَيقْرَأ عِنْده سُورَة يس جَهرا وَسورَة الرَّعْد سرا وَلَو تعَارض عَلَيْهِ قراءتهما فَيَنْبَغِي أَن يُرَاعى حَال المحتضر فَإِن كَانَ عِنْده شُعُور وتذكر بأحوال الْبَعْث قَرَأَ سُورَة يس وَإِلَّا قَرَأَ سُورَة الرَّعْد فَهِيَ تهون طُلُوع الرّوح وَيكثر المحتضر من قَول لَا إِلَه إِلَّا الله وَيَقُول لَهُم إِذا أهملت فنبهوني قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام من كَانَ آخر كَلَامه لَا إِلَه إِلَّا الله دخل الْجنَّة وَقَالَ لقنوا مَوْتَاكُم لَا إِلَه إِلَّا الله فَإِن عجز عَن القَوْل لقنه من حَضَره بِرِفْق مَخَافَة أَن يضجر فيردها وَإِذا قَالَهَا مرّة لَا يُعِيدهَا عَلَيْهِ إِلَّا إِذا تكلم بِكَلَام آخر وَيكون الَّذِي يلقنها لَهُ غير مُتَّهم كوارث وعدو وحاسد لِئَلَّا يتهمه المحتضر فِي قَوْلهَا أَي إِن كَانَ ثمَّ غَيره وَإِلَّا لقنه وَإِن اتهمه

<<  <   >  >>