للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

بِأَكْلِهِ ولسرعة فَسَاد المشموم المحصود بِخِلَاف المزروع فَيصح وَقفه للشم لبَقَاء مدَّته وَإِن لم يطلّ زَمَنه وَلِأَن الْأَثْمَان إِنَّمَا ينْتَفع بإخراجها

الرُّكْن الثَّالِث الصِّيغَة بِاللَّفْظِ كَالْعِتْقِ أَو بِإِشَارَة أخرس مفهمة أَو بكتابته أَو كِتَابَة النَّاطِق مَعَ نِيَّته وصريحه يحصل (بوقفت) هَذَا على كَذَا (وسبلت كَذَا على كَذَا) فَلَا بُد من بَيَان الْمَوْقُوف عَلَيْهِ فَلَو قَالَ وقفت هَذَا الْكتاب لله تَعَالَى لم يكف بل لَا بُد أَن يَقُول على كَذَا بِخِلَاف الْوَصِيَّة كأوصيت بِثلث مَالِي لله تَعَالَى فَإِنَّهُ يَصح (وَجعلت هَذَا) الْمحل أَو مَكَان كَذَا (مَسْجِدا) فَيصير بذلك مَسْجِدا وَإِن لم يقل لله وَلم ينْو لِأَن الْمَسْجِد لَا يكون إِلَّا وَقفا ووقفته للاعتكاف صَرِيح فِي المسجدية وللصلاة صَرِيح فِي مُطلق الوقفية

وَقَوله أَذِنت للصَّلَاة كِنَايَة فِي المسجدية فَإِن نَوَاهَا صَار مَسْجِدا وَإِلَّا صَار وَقفا على الصَّلَاة وَإِن لم يكن مَسْجِدا كالمدرسة وَذَلِكَ لِأَن الِاعْتِكَاف لَا يَصح إِلَّا فِي مَسْجِد بِخِلَاف الصَّلَاة وَمثل الِاعْتِكَاف صَلَاة التَّحِيَّة فَلَو قَالَ أَذِنت فِي صَلَاة التَّحِيَّة فِي هَذَا الْمحل صَار مَسْجِدا لِأَنَّهَا لَا تكون إِلَّا فِي الْمَسْجِد وَلَو بنى الْبقْعَة على هَيْئَة الْمَسْجِد لَا يكون الْبناء كِنَايَة وَإِن أذن فِي الصَّلَاة فِيهِ إِلَّا فِي موَات فَيصير مَسْجِدا بِمُجَرَّد الْبناء مَعَ النِّيَّة لِأَن اللَّفْظ إِنَّمَا احْتِيجَ إِلَيْهِ لإِخْرَاج مَا كَانَ فِي ملكه عَنهُ وَهَذَا لَا يدْخل فِي ملك من أَحْيَاهُ مَسْجِدا فَلم يحْتَج للفظ وَصَارَ للْبِنَاء حكم الْمَسْجِد تبعا وَيجْرِي ذَلِك فِي بِنَاء مدرسة أَو رِبَاط وحفر بِئْر وإحياء مَقْبرَة فِي الْموَات بِقصد السَّبِيل

(وَشرط لَهُ) أَي الْوَقْف (تأبيد) فَلَو قَالَ وقفت هَذَا على الْفُقَرَاء أَو على مَسْجِد مثلا سنة مثلا فَوَقفهُ بَاطِل لفساد الصِّيغَة إِذْ وَضعه على التَّأْبِيد سَوَاء فِي ذَلِك طَوِيل الْمدَّة وقصيرها نعم إِن أشبه التَّأْقِيت التَّحْرِير كَقَوْلِه جعلت هَذَا مَسْجِدا سنة صَحَّ مُؤَبَّدًا وَيَنْبَغِي أَن يُقَال لَو وقف على فُقَرَاء ألف سنة أَو نَحْوهَا مِمَّا يبعد بَقَاء الدُّنْيَا إِلَيْهِ صَحَّ نظرا لمقصود اللَّفْظ وَهُوَ التَّأْبِيد دون مَدْلُوله وَهُوَ التَّأْقِيت فَإِن الْمَقْصُود من الْوَقْف قربَة مَحْضَة بِخِلَاف البيع وَالنِّكَاح

(وتنجيز) فَلَا يَصح تَعْلِيق الْوَقْف فِيمَا لَا يضاهي التَّحْرِير كَقَوْلِه إِذا جَاءَ زيد فقد وقفت كَذَا على كَذَا لِأَن الْوَقْف عقد يَقْتَضِي نقل الْملك إِلَى الله تَعَالَى أَو للْمَوْقُوف عَلَيْهِ حَالا كَالْبيع وَالْهِبَة

نعم يَصح تَعْلِيقه بِالْمَوْتِ كَقَوْلِه إِذا مت فداري وقف على كَذَا أَو فقد وقفتها إِذْ الْمَعْنى فاعلموا أَنِّي قد وقفتها بِخِلَاف قَوْله إِذا مت وقفتها وَالْفرق أَن الأول إنْشَاء تَعْلِيق وَالثَّانِي تَعْلِيق إنْشَاء وَهُوَ بَاطِل لِأَنَّهُ وعد مَحْض

قَالَ السَّيِّد عمر الْبَصْرِيّ

وَالْحَاصِل أَنه إِذا علق الْوَقْف بِمَوْت نَفسه صَحَّ لِأَنَّهُ وَصِيَّة سَوَاء قَالَ إِذا مت فداري وقف أَو فقد وقفتها بِخِلَاف مَا إِذا علقه بِمَوْت غَيره فَلَا يَصح لِأَنَّهُ تَعْلِيق وَلَيْسَ بِوَصِيَّة حَتَّى يغْتَفر فِيهَا التَّعْلِيق لِأَن مَا لَا يقبل التَّعْلِيق من التَّمْلِيك كَالْهِبَةِ إِذا علق بِالْمَوْتِ صَحَّ لِأَنَّهُ وَصِيَّة انْتهى

أما مَا يضاهي التَّحْرِير كَقَوْلِه إِذا جَاءَ رَمَضَان فقد وقفت هَذَا مَسْجِدا فَإِن الْوَقْف يَصح مُؤَبَّدًا كَمَا لَو ذكر فِيهِ شرطا فَاسِدا لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَالْعِتْقِ

الرُّكْن الرَّابِع الْمَوْقُوف عَلَيْهِ وَشَرطه إِن كَانَ معينا وَاحِدًا أَو مُتَعَددًا عدم الْمعْصِيَة

<<  <   >  >>