للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فصل: حكم نبش القبر]

قَالَ الشَّافِعِيُّ: إِنْ دُفِنَ الْمَيِّتُ وَلَمْ يُغَسَّلْ وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ، فَلَا بَأْسَ أَنْ يُمَاطَ عنه التراب ويغسل ويكفن يصلى عَلَيْهِ، وَذَلِكَ وَاجِبٌ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ، فَإِنْ تَغَيَّرَ وَرَاحَ لَمْ يُنْبَشْ، وَتُرِكَ، وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ: يُنْبَشُ وَإِنْ تَغَيَّرَ، وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ فَإِنْ كَانَ قَدْ غُسِّلَ وَكُفِّنَ وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ.

قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَمْ يُنْبَشْ وَصَلِّي عَلَى قَبْرِهِ قَبْلَ الثَّلَاثِ وَبَعْدَهَا.

وَقَالَ أبو حنيفة: يُصَلَّى عَلَى قَبْرِهِ قَبْلَ الثَّلَاثِ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ بَعْدَهَا، وَهَذَا خَطَأٌ لِرِوَايَةِ الشَّعْبِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " صَلَّى عَلَى قبرٍ مِنْ بَعْدِ شهرٍ ".

فَأَمَّا إِذَا غُسِّلَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ وَدُفِنَ قَبْلَ أَنْ يُكَفَّنَ فَهَلْ يُنْبَشُ وَيُكَفَّنُ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: يُنْبَشُ كَمَا يُنْبَشُ لِلْغُسْلِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُتْرَكُ وَلَا يُنْبَشُ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالْكَفَنِ الْمُدَارَاةُ، وَقَدْ حَصَلَتْ، فَإِنْ دُفِنَ بَعْدَ غُسْلِهِ وَتَكْفِينِهِ إِلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ.

قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا بَأْسَ أَنْ يُنْبَشُ وَيُوَجَّهَ إِلَى الْقِبْلَةِ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ وَيُرِيحُ، وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ أَوَّلَ مَنْ وُجِّهَ إِلَى الْقِبْلَةِ فِي قَبْرِهِ الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ أَوْصَى بِذَلِكَ ثُمَّ صَارَ سُنَّةً.

[فصل: القول في استخراج الجنين من بطن أمه وهي ميتة]

إِذَا مَاتَتِ امْرَأَةٌ وَفِي جَوْفِهَا وَلَدٌ حَيٌّ فَلَيْسَ لِلشَّافِعِيِّ فِيهِ نَصٌّ، لَكِنْ قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ سُرَيْجٍ وَهُوَ قَوْلُ أبي حنيفة وَأَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ، يُخْرَجُ جَوْفُهَا وَيُخْرَجُ وَلَدُهَا، لِأَنَّ حُرْمَةَ الْحَيِّ أَوْكَدُ مِنْ حُرْمَةِ الْمَيِّتِ.

وَقَالَ غَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا: إِنْ كَانَ الْوَلَدُ لِمُدَّةٍ يجوز أن يعيش لستة أشهر فساعداً شُقَّ جَوْفُهَا وَأُخْرِجَ، وَإِنْ كَانَ لِمُدَّةٍ لَا يَجُوزُ أَنْ يَعِيشَ فِيهَا: تُرِكَ.

فَصْلٌ

: إِذَا ابْتَلَعَ الْمَيِّتُ جَوْهَرَةً فِي حَيَاتِهِ، فَإِنْ كَانَتْ لِغَيْرِهِ أُخْرِجَتْ مِنْ جَوْفِهِ، وَإِنْ كَانَتْ لَهُ فَعَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: لَا تُخْرَجُ وَيَكُونُ ذَلِكَ فِي حُكْمِ مَا قَدْ أَتْلَفَهُ فِي حَاجَاتِهِ وَشَهَوَاتِهِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: تُخْرَجُ لِأَنَّ ذَلِكَ مِلْكٌ لِوَرَثَتِهِ لِبَقَاءِ عَيْنِهِ وَالْقُدْرَةِ عَلَى أَخْذِهِ.

فَصْلٌ

: فَإِنْ مَاتَتِ امْرَأَةٌ نَصْرَانِيَّةٌ وَفِي جَوْفِهَا وَلَدٌ مُسْلِمٌ، فَقَدْ حَكَى الشَّافِعِيُّ أَنَّهَا تُدْفَعُ إِلَى أَهْلِ دِينِهَا لِيَتَوَلَّوْا غُسْلَهَا، وَدَفْنَهَا، وَحُكِيَ عَنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهَا تُدْفَنُ بَيْنَ مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ

<<  <  ج: ص:  >  >>