للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَلْقُ الشَّعْرِ، وَالسَّلْقُ هُوَ أَنْ تَنُوحَ بِلِسَانِهَا، قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ: {سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ} (الأحزاب: ١٩) .

وَرَوَى قُتَيْبَةُ فِي غَرِيبِ الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَعَنَ مِنَ النِّسَاءِ السَّالِقَةَ وَالْحَالِقَةَ، وَالْخَارِقَةَ وَالْمُمْتَهِشَةَ.

فَالسَّالِقَةُ: الَّتِي تَرْفَعُ صَوْتَهَا بِالصُّرَاخِ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ، وَالْحَالِقَةُ: الَّتِي تَحْلِقُ شَعْرَهَا، وَالْخَارِقَةُ: الَّتِي تَخْرِقُ ثَوْبَهَا، وَالْمُمْتَهِشَةُ: أن تَخْمُش وَجْهَهَا فَتَأْخُذُ لَحْمَهُ بِأَظْفَارِهَا مِنْهُ، وَقِيلَ نَهْشَةُ الْكِلَابِ، وَالْمُمَهِّشَةُ: الَّتِي تحلق وجهها بالموسى للتزين.

[فصل البكاء على الميت]

فَأَمَّا الْبُكَاءُ بِلَا نَدْبٍ وَلَا نِيَاحَةٍ فَمُبَاحٌ، لِمَا فِيهِ مِنْ تَخْفِيفِ الْحُزْنِ وَتَعْجِيلِ السُّلُوِّ، وَقَدْ رَوَى ثُمَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَضَعَ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي حِجْرِهِ وَهُوَ يَجُودُ بِنَفْسِهِ فَقَالَ لَوْلَا أَنَّهُ مَوْعِدٌ صادقٌ، ووعدٌ جامعٌ، وَأَنَّ الْمَاضِيَ فَرَطٌ لِلْبَاقِي، وَأَنَّ الْآخِرَ لاحقٌ بِالْأَوَّلِ، لَحَزِنَّا عَلَيْكَ يَا إِبْرَاهِيمُ، ثُمَّ دَمَعَتْ عَيْنَاهُ، فَقَالَ: تَدْمَعُ الْعَيْنُ، وَيَحْزَنُ الْقَلْبُ، وَلَا نَقُولُ إِلَّا مَا يَرْضَاهُ الرَّبُّ، وَإِنَّا بِكَ يَا إِبْرَاهِيمُ مَحْزُونُونَ الْحَقْ بِالسَّلَفِ الصَّالِحِ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ.

وَرَوَى أَبُو أُمَامَةَ قَالَ: جَاءَ رجلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حِينَ مَاتَ ابْنُهُ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَعَيْنَاهُ تَدْمَعَانِ، فَقَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ تَبْكِي عَلَى هَذَا السَّخْلِ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَقَدْ دَفَنْتُ اثْنَيْ عَشَرَ وَلَدًا كُلُّهُمْ أَشَفُّ مِنْهُ كُلُّهُمْ أَدْفِنُهُمْ فِي التُّرَابِ أَحْيَاءً فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " فَمَا ذَنْبِي إِنْ كَانَتِ الرَّحْمَةُ ذَهَبَتْ مِنْكَ " وَرَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ " لَمَّا مَاتَتْ رُقَيَّةُ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - توجه عثمان بن مظعون بالحصبة " قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الحق لبلغنا الخير أيجهر عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ قَالَ: وَبَكَى النِّسَاءُ فَجَعَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَضْرِبُهُنَّ بِسَوْطِهِ، فَأَخَذَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِيَدِهِ، وَقَالَ دَعْهُنَّ يَا عُمَرُ وقَالَ إِيَّاكُنَّ وَنَعِيقَ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ مَهْمَا يَكُنْ مِنَ الْعَيْنِ وَالْقَلْبِ فَمِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَمِنَ الرَّحْمَةِ، وَمَهْمَا يَكُنْ مِنَ اللِّسَانِ وَالْيَدِ فَمِنَ الشَّيْطَانِ، قَالَ وَبَكَتْ فَاطِمَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَلَى شَفِيرِ الْقَبْرِ، فَجَعَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَمْسَحُ الدُّمُوعَ عَنْ عَيْنِهَا بِطَرَفِ ثَوْبِهِ، وَقِيلَ إنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - زَوَّجَ عُثْمَانَ ابْنَتَهُ أُمَّ كُلْثُومٍ عَلَى شَفِيرِ قبر رقية.

<<  <  ج: ص:  >  >>