للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلِأَنَّ زَكَاةَ الْأَمْوَالِ وَجَبَتْ لِنَمَائِهَا فَاقْتَضَى أَنْ يَكُونَ زَمَانُ النَّمَاءِ وَهُوَ الْحَوْلُ مُعْتَبَرًا فِيهَا، وَلِأَنَّ الزَّكَاةَ وَجَبَتْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ نِعْمَةً وَتَطْهِيرًا وَالْجِزْيَةَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ نِقْمَةً وَصَغَارًا، فَلَمَّا لَمْ تَجِبِ الْجِزْيَةُ إِلَّا بِالْحَوْلِ لَمْ تَجِبِ الزَّكَاةُ إلا بالحول، وإذا ثَبَتَ أَنَّ النِّصَابَ وَالْحَوْلَ مُعْتَبَرٌ فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ فَهَلْ يَتَعَلَّقُ وُجُوبُ الزَّكَاةِ بِهِمَا أَوْ بِشَرْطٍ ثَالِثٍ يَنْضَمُّ إِلَيْهِمَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: قَالَهُ فِي الْإِمْلَاءِ: إِنَّ الزَّكَاةَ وَاجِبَةٌ بِهِمَا وَبِشَرْطٍ ثَالِثٍ، وَهُوَ إِمْكَانُ الْأَدَاءِ فَيَكُونُ وُجُوبُهَا بِثَلَاثَةِ شَرَائِطَ، بِالنِّصَابِ، وَالْحَوْلِ، وَإِمْكَانِ الْأَدَاءِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي:

قَالَهُ فِي " الْأُمِّ ": إِنَّ الزَّكَاةَ وَاجِبَةٌ بِشَرْطَيْنِ لَا غَيْرَ: النِّصَابُ وَالْحَوْلُ، فَأَمَّا إِمْكَانُ الْأَدَاءِ فَمِنْ شَرَائِطِ الضَّمَانِ، وَسَنُفَرِّعُ عَلَى هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ بِمَا يُوَضِّحُ عَنْهُمَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

[مسألة:]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسٍ مِنَ الْإِبِلِ شيءٌ ولا فيما بين الفريضتين شيءٌ وإن وَجَبَتْ عَلَيْهِ بِنْتُ مخاضٍ فَلَمْ تَكُنْ عِنْدَهُ فابن لبون ذكر فإن جاء بابن لبون وابنة مخاض لم يكن له أن يأخذ ابن لبون ذكر وابنة مخاضٍ موجودةٍ وإبانة أن فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ وَفِي كُلِّ خمسين حقة أن تكون الإبل مائة وإحدى وعشرين فيكون فيها ثلاث بنات لبون وليس في زيادتها شيء حتى تكمل مائة وثلاثين فإذا كملتها ففيها حقة وابنتا لبون وليس في زيادتها شيء حتى تكمل مائة وأربعين فإذا كملتها ففيها حقتان وابنة لبون وليس في زيادتها شيء حتى تكمل مائة وخمسين فإذا كملتها ففيها ثلاث حقاق ولا شيء في زيادتها حتى تكمل مائة وستين فإذا كملتها ففيها أربع بنات لبون وليس في زيادتها شيء حتى تكمل مائة وسبعين فإذا كملتها ففيها حقة وثلاثة بنات لبون ولا شيء في زيادتها حتى تبلغ مائة وثمانين فإذا بلغتها ففيها حقتان لبون وليس في زيادتها شيء حتى تبلغ مِائَةٍ وَتِسْعِينَ فَإِذَا بَلَغَتْهَا فَفِيهَا ثَلَاثُ حِقَاقٍ وابنة لبون ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ نِصَابَ الْإِبِلِ خَمْسٌ وَلَا شَيْءَ، فِيمَا دُونَهَا، وَدَلَّلْنَا عَلَيْهِ، فإذا بلغت كالإبل خمساً ففيها شاة، وهي فرض إلى تسع، والأربعة الزَّائِدَةُ عَلَى الْخَمْسِ تُسَمَّى وَقْصًا، وَقَدِ اخْتَلَفَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي الشَّاةِ هَلْ تَجِبُ فِيهَا وَفِي الْخَمْسِ، أَوْ تَجِبُ فِي الْخَمْسِ وَحْدَهَا والوقص عَفْوٌ، وَكَذَا كُلُّ وَقْصٍ بَيْنَ فَرْضَيْنِ، فَفِيهِ لِلشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: قَالَهُ فِي الْإِمْلَاءِ: وَالْبُوَيْطِيُّ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ محمد بن الحسن: أَنَّ الشَّاةَ واجبة في الخمس، وهي النصاب، والوقص الذي عَلَيْهَا عَفْوٌ، وَكَذَا فَرَائِضُ الزَّكَوَاتِ فِي الْمَوَاشِي

<<  <  ج: ص:  >  >>