للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مسألة:]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وإذا عد عَلَيْهِ السَّاعِي فَلَمْ يَأْخُذْ مِنْهُ حَتَّى نَقَصَتْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: قَدْ ذَكَرْنَا اخْتِلَافَ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ فِي الْإِمْكَانِ هَلْ هُوَ مِنْ شَرَائِطِ الْوُجُوبِ، أَوْ مِنْ شَرَائِطِ الضَّمَانِ.

فأحد قوليه هو مَذْهَبُهُ فِي الْقَدِيمِ إِمْكَانُ الْأَدَاءِ مِنْ شَرَائِطِ الْوُجُوبِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: وَهُوَ مَذْهَبُهُ فِي الْجَدِيدِ إِنَّ إِمْكَانَ الْأَدَاءِ مِنْ شَرَائِطِ الضَّمَانِ، وَوَجْهُ قَوْلِهِ الْقَدِيمِ شَيْئَانِ.

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْإِمْكَانَ مَعْنًى إذا تلف المال قبل وجود سَقَطَ ضَمَانُ الزَّكَاةِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مِنْ شَرَائِطِ الْوُجُوبِ كَالْحَوْلِ.

وَالثَّانِي: أَنَّ إِمْكَانَ الْأَدَاءِ فِي جَمِيعِ الْعِبَادَاتِ مِنْ شَرَائِطِ الْوُجُوبِ لَا مِنْ شَرَائِطِ الضَّمَانِ، كَالصَّلَاةِ الَّتِي تَجِبُ بِدُخُولِ الْوَقْتِ، وَإِمْكَانِ الْأَدَاءِ وَالْحَجِّ الَّذِي يَجِبُ بِالِاسْتِطَاعَةِ، وَإِمْكَانِ الْأَدَاءِ، وَكَذَلِكَ الزَّكَاةُ، وَوَجْهُ قَوْلِهِ فِي الجديد: أن الإمكان مِنْ شَرَائِطِ الضَّمَانِ شَيْئَانِ:

أَحَدُهُمَا: قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " لا زكاة على مالٍ حتى يحول عليه الْحَوْلُ " فَجَعَلَ الْحَوْلَ غَايَةً فِي الْوُجُوبِ، وَالْحُكْمُ بَعْدَ الْغَايَةِ بِخِلَافِهِ قَبْلَهَا.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ لَوْ أَتْلَفَ مَالَهُ قَبْلَ الْحَوْلِ لَمْ يَضْمَنْ زَكَاتَهُ، وَلَوْ أَتْلَفَهُ بَعْدَ الْحَوْلِ وَقَبْلَ الْإِمْكَانِ ضَمِنَ زَكَاتَهُ، فَعُلِمَ أَنَّ الْإِمْكَانَ لَا مَدْخَلَ لَهُ فِي الْوُجُوبِ.

فَصْلٌ

: فَأَمَّا صِفَةُ الْإِمْكَانِ، فَإِنْ كَانَ مَالًا بَاطِنًا كَالْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ، فإمكان الأداء بِأَحَدِ شَيْئَيْنِ: إِمَّا بِمُطَالَبَةِ الْإِمَامِ الْعَادِلِ، أَوْ بِحُضُورِ أَهْلِ السُّهْمَانِ وَإِنْ كَانَ مَالًا ظَاهِرًا كَالْمَوَاشِي وَالثِّمَارِ. فَعَلَى قَوْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُهُ فِي الْقَدِيمِ " إِنَّ إِمْكَانَ الْأَدَاءِ فِيهِ بِمُطَالَبَةِ الْإِمَامِ الْعَادِلِ لَا غَيْرَ ".

وَالْقَوْلُ الثَّانِي فِي الْجَدِيدِ: إِنَّهُ كَالْأَمْوَالِ الْبَاطِنَةِ، يَكُونُ إِمْكَانُ أَدَائِهِ بِأَحَدِ شَيْئَيْنِ: إِمَّا بِمُطَالَبَةِ الْإِمَامِ، أَوْ بِحُضُورِ أهل السهمان.

[مسألة:]

قال الشافعي رحمه الله: " وإن فَرَّطَ فِي دَفْعِهَا فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ إِخْرَاجَ الزَّكَاةِ بَعْدَ الْإِمْكَانِ عَلَى الْفَوْرِ، فَمَتَى أَمْكَنَهُ إِخْرَاجُهَا فَلَمْ يُخْرِجْهَا حَتَّى هَلَكَ فَعَلَيْهِ ضَمَانُهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>