للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَدِهِ وَيَدِ الْغَاصِبِ، وَإِنْ قُلْنَا إِنَّ زَكَاةَ المغصوب غير واجبة فهي تبنى عَلَى السِّتَّةِ الْأَشْهُرِ الْمَاضِيَةِ قَبْلَ الْغَصْبِ أَوْ يَسْتَأْنِفُ الْحَوْلَ بَعْدَ رُجُوعِهَا مِنَ الْغَصْبِ عَلَى وجهين.

[مسألة:]

قال الشافعي رضي الله عنه: " ولو ارتد فحال الحول على غنمه أوقفته فإن تاب أخذت صدقتها وإن قتل كانت فيئاً خمسها لأهل الخمس وأربعة أخماسها لأهل الْفَيْءِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ إِذَا ارْتَدَّ رب المال عن الإسلام فله حالان:

أحدهما: أن يكون بعد الحول.

والثاني: أن يكون قَبْلَهُ فَإِنْ كَانَتْ رِدَّتُهُ بَعْدَ الْحَوْلِ فَالزَّكَاةُ عَلَيْهِ وَاجِبَةٌ، سَوَاءٌ مَاتَ أَوْ قُتِلَ، وَسَوَاءٌ قِيلَ إِنَّ إِمْكَانَ الْأَدَاءِ مِنْ شَرَائِطِ الضَّمَانِ أَوْ مِنْ شَرَائِطِ الْوُجُوبِ، وَإِنْ كَانَتْ رِدَّتُهُ قَبْلَ الْحَوْلِ، ثُمَّ بَقِيَ مُرْتَدًّا حَتَّى حَالَ الْحَوْلُ فَفِيهِ قَوْلَانِ مَنْصُوصَانِ وَقَوْلٌ ثَالِثٌ مُخْتَلَفٌ فِي تَخْرِيجِهِ، وَكُلُّ ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى مِلْكِهِ هَلْ يَكُونُ ثَابِتًا أَوْ مَوْقُوفًا، أَوْ زَائِلًا؟ فأحد الأقاويل وَهُوَ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ. إِنَّ مِلْكَهُ مَوْقُوفٌ، فَإِنْ عَادَ إِلَى الْإِسْلَامِ أُخِذَتْ مِنْهُ الزَّكَاةُ، وَإِنْ قُتِلَ مُرْتَدًّا أَوْ مَاتَ كَانَ مَالُهُ فَيْئًا لِأَهْلِ الْفَيْءِ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي إِنَّ مِلْكَهُ ثَابِتٌ فَإِذَا حَالَ حَوْلُهُ أُخِذَتْ زَكَاتُهُ سَوَاءٌ تَابَ أَوْ قُتِلَ.

فَأَمَّا الْقَوْلُ الثَّالِثُ: وَهُوَ زَوَالُ مِلْكِهِ فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي تَخْرِيجِهِ، لِاخْتِلَافِهِمْ فِي تَأْوِيلِ لَفْظَةٍ ذَكَرَهَا الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ التَّدْبِيرِ فَقَالَ: لِأَنَّ مِلْكَهُ خَارِجٌ عَنْهُ فَكَانَ أَبُو الْعَبَّاسِ يَقُولُ مَعْنَاهُ إِنَّهُ خَارِجٌ مِنْ تَصَرُّفِهِ وَيَمْتَنِعُ مِنْ تَخْرِيجِ قَوْلٍ ثَالِثٍ، وَكَانَ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيُّ يَقُولُ: " إِنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ خَارِجٌ عَنْ مِلْكِهِ " وَيُخَرِّجُ قَوْلًا ثَالِثًا إِنَّ مِلْكَهُ زَائِلٌ فَعَلَى هَذَا لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ وَقَدْ بَطَلَ حُكْمُ مَا مَضَى مِنَ الْحَوْلِ، فَإِنْ عَادَ إِلَى الْإِسْلَامِ وَتَابَ، اسْتَأْنَفَ حول وسنذكر توجيه الأقاويل في موضعه إن شاء الله.

[مسألة:]

قال الشافعي رضي الله عنه: " ولو غل صدقته عذر إِنْ كَانَ الْإِمَامُ عَدْلًا إِلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الجهالة ولا يعذر إِذَا لَمْ يَكُنِ الْإِمَامُ عَدْلًا ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ إِذَا كَتَمَ الرَّجُلُ مَالَهُ أَوْ بَعْضَهُ عَنِ السَّاعِي وَأَخْفَاهُ عَنْهُ وَلَمْ يُعْطِهِ زَكَاتَهُ، ثُمَّ ظَهَرَ عَلَيْهِ، فَلَا يَخْلُو حَالُ الْإِمَامِ مِنْ أَمْرَيْنِ:

إِمَّا أَنْ يَكُونَ عَادِلًا فِي الزَّكَاةِ، أَوْ جَائِرًا فِيهَا، فَإِنْ كَانَ جَائِرًا، يَأْخُذُ فَوْقَ الْوَاجِبِ أَوْ يَأْخُذُ الواجب ويصرفه في غير مستحقيه فلا تعزيز عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ بِكَتْمِهِ وَإِنْ كَانَ عَادِلًا

<<  <  ج: ص:  >  >>