للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ نَقْلَهُ صَحِيحٌ، وَقَدْ سَاعَدَهُ حَرْمَلَةُ فَرَوَى عَنِ الشَّافِعِيِّ مِثْلَهُ فَعَلَى هَذَا فِي كَيْفِيَّةِ هَذَا الشَّرْطِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ مَوْضِعُ حِلَابِهِمَا وَاحِدًا.

وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْحَالِبُ وَاحِدًا.

وَالثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ إِنَاءُ الْحَلْبِ وَاحِدًا، وَلَا يَكُونُ اخْتِلَاطُ اللَّبَنَيْنِ رِبًا، كما يخلط المسافرون أزوادهم، إذ اجْتَمَعُوا لِلْأَكْلِ، وَلَا يَكُونُ رِبًا، وَالتَّأْوِيلُ الْأَوَّلُ أَصَحُّ وَهُوَ أَنَّ مَعْنَاهُ: أَنْ يَكُونَ مَوْضِعُ الْحِلَابِ وَاحِدًا، وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي " الْإِمْلَاءِ " فَقَالَ وَأَنْ تَحْلِبَ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ فَإِنْ تَفَرَّقَا فِي مَكَانِ الْحِلَابِ قَبْلَ الْحَوْلِ زَكَّيَاهُ زَكَاةَ الِاثْنَيْنِ، فَقَدْ أَفْصَحَ بِصَوَابِ هَذَا التَّأْوِيلِ، وَصِحَّةِ نَقْلِ الْمُزَنِيِّ.

وَالشَّرْطُ السَّادِسُ: مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَهُوَ نِيَّةُ الْخُلْطَةِ فَأَحَدُ الْوَجْهَيْنِ: أَنَّهَا مُعْتَبَرَةٌ لَا تَصِحُّ الْخُلْطَةُ إِلَّا بِهَا، لِأَنَّ لِلْخُلْطَةِ تَأْثِيرًا فِي الزَّكَاةِ فَافْتَقَرَتْ إِلَى قَصْدٍ كَالسَّوْمِ، فَعَلَى هَذَا إِنْ خَلَطَ الرُّعَاةُ الْمَوَاشِيَ بِغَيْرِ أَمْرِ أَرْبَابِ الْأَمْوَالِ لَمْ يَثْبُتْ حُكْمُ الْخُلْطَةِ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّ النِّيَّةَ غَيْرَ مُعْتَبَرَةٍ فِي الْخُلْطَةِ لِأَنَّهُ لَمَّا سَقَطَ اعْتِبَارُهَا فِي خلطة الاعتبار سَقَطَ اعْتِبَارُهَا فِي خُلْطَةِ الْأَوْصَافِ، فَعَلَى هَذَا لَوْ خَلَطَ الرُّعَاةُ الْمَوَاشِيَ بِغَيْرِ أَمْرِ أَرْبَابِ الْأَمْوَالِ عَلَى الشَّرَائِطِ الْمُعْتَبَرَةِ ثَبَتَ حُكْمُ الْخُلْطَةِ، فَهَذِهِ سِتُّ شَرَائِطَ تَخْتَصُّ بِخُلْطَةِ الْأَوْصَافِ أَرْبَعَةٌ مِنْهَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا، وَهِيَ الْمَرَاحُ وَالْمَسْرَحُ وَالسَّقْيُ وَالْفُحُولُ، وَشَرْطَانِ مُخْتَلِفٌ فِيهِمَا وَهُمَا الْحِلَابُ وَالنِّيَّةُ.

وَأَصْلُ هَذِهِ الشَّرَائِطِ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " والخليطان ما اختلطا فِي الرَّعْيِ وَالسَّقْيِ وَالْفُحُولِ " فَنَصَّ عَلَى بَعْضِهَا وَنَبَّهَ عَلَى بَاقِيهَا، فَلَوِ انْخَرَمَ شَرْطٌ مِنْهَا بطل حكم الخلطة وزكياه زَكَاةَ الِانْفِرَادِ، فَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ أَحَدُ الخليطين عبداً أو مكاتباً أو كاتباً زَكَّى الْحُرُّ الْمُسْلِمُ زَكَاةَ الْمُنْفَرِدِ، وَلَوِ افْتَرَقَا فِي مَرَاحٍ أَوْ مَسْرَحٍ أَوْ سَقْيٍ أَوْ فُحُولٍ زَكَّيَا زَكَاةَ الْمُنْفَرِدِ.

فَصْلٌ

: فَأَمَّا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ " وَلَا يَكُونَانِ خَلِيطَيْنِ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِمَا الْحَوْلُ مِنْ يَوْمِ اخْتَلَطَا " فَهِيَ مَسْأَلَةٌ تَأْتِي، ونذكر ما فيها من الخلاف، فأما قَوْلُ الشَّافِعِيِّ: وَلَمَّا لَمْ أَعْلَمْ مُخَالِفًا إِذَا كانوا ثلاثة خلطاء لو كان لَهُمْ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ شَاةً أُخِذَتْ مِنْهُمْ شَاةٌ وَصَدَّقُوا صَدَقَةَ الْوَاحِدِ، فَنَقَصُوا الْمَسَاكِينَ شَاتَيْنِ مِنْ مال الخلطاء الثلاثة الذين لم يُفَرَّقْ مَالُهُمْ، كَانَتْ فِيهِ ثَلَاثُ شِيَاهٍ لَمْ يجز، إلا أن يقولوا: لو كانت أربعين شَاةً بَيْنَ ثَلَاثَةٍ كَانَتْ عَلَيْهِمْ شَاةٌ، لِأَنَّهُمْ صدقوا الخلطاء صدقة الواحد وهذا أرد بِهِ مَالِكًا حَيْثُ قَالَ لَا حُكْمَ لِلْخُلْطَةِ حَتَّى يَمْلِكَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ نِصَابًا، فَرَدَّ عَلَيْهِ بِأَنْ قَالَ لَمَّا كَانَ ثَلَاثَةُ شُرَكَاءَ في مائة وعشرين يلزمهم شَاةٌ وَاحِدَةٌ صَدَقَةَ الْوَاحِدِ رِفْقًا بِهِمْ، وَلَوْ كانوا متفرقين لزمهم ثَلَاثُ شِيَاهٍ، وَجَبَ إِذَا كَانُوا ثَلَاثَةَ شُرَكَاءٍ في

<<  <  ج: ص:  >  >>