للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْقَوْلَ قَوْلُ الْفَقِيرِ إِنْ كَانَ حَيًّا أَوْ قَوْلُ وَارِثِهِ إِنْ كَانَ مَيِّتًا، فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِمُجَرَّدِهِ، أَوْ مَعَ يَمِينِهِ بِاللَّهِ تَعَالَى؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ، لِأَنَّ ظَاهِرَ الدَّفْعِ لَا يُوجِبُ الرُّجُوعَ، فَكَانَ فِي ذَلِكَ تَكْذِيبٌ لِلدَّعْوَى، فَلَمْ تَجِبْ فِيهَا يَمِينٌ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَبِهِ قَالَ أَبُو يَحْيَى الْبَلْخِيُّ إِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى مُحْتَمَلَةٌ وَمَا فِي يَدِهِ مُدَّعًى، فَافْتَقَرَ إِلَى دَفْعِ الدَّعْوَى بِيَمِينٍ، فَعَلَى هَذَا يَحْلِفُ هُوَ أَوْ وَارِثُهُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ، لَا عَلَى الْبَتِّ؛ لِأَنَّهَا يَمِينٌ عَلَى فِعْلِ الْغَيْرِ، فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمَدْفُوعِ إِلَيْهِ إِذَا لَمْ يَشْتَرَطِ التَّعْجِيلَ، إِمَّا مَعَ يَمِينِهِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، أَوْ بِلَا يَمِينٍ في الْوَجْهِ الثَّانِي، فَاخْتَلَفَا فِي الشَّرْطِ، فَقَالَ رَبُّ الْمَالِ شَرَطْتُ التَّعْجِيلَ فَلِيَ الرُّجُوعُ، وَقَالَ الْمَدْفُوعُ إِلَيْهِ لَمْ تَشْتَرِطِ التَّعْجِيلَ فَلَا رُجُوعَ لَكَ، فَفِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: الْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ مَعَ يَمِينِهِ وَلَهُ الرُّجُوعُ، لِأَنَّهُ عَلَى أَصْلِ مِلْكِهِ مَا لَمْ يُقِرَّ بِمَا يُزِيلُهُ عَنْهُ، والمدفوع إليه منفرد بالملك مدعي لِمَا يُزِيلُهُ عَنْهُ فَلَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمَدْفُوعِ إِلَيْهِ مَعَ يَمِينِهِ عَلَى الْبَتِّ، وَجْهًا وَاحِدًا، لِأَنَّهُ قَدْ ملك بالأخذ، وادعى عليه الاستحقاق، فكان ذلك على أصل تملكه مَا لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ بِخِلَافِهِ.

فَصْلٌ

: إِذَا كَانَ مَعَهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ فَعَجَّلَ زَكَاتَهَا خَمْسَةَ دَرَاهِمَ ثُمَّ أَتْلَفَ قَبْلَ الْحَوْلِ دِرْهَمًا، فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ، لِأَنَّ مَالَهُ نَقَصَ عَنِ النِّصَابِ عِنْدَ الْحَوْلِ، ثُمَّ يُنْظَرُ فَإِنْ لَمْ يَشْتَرَطِ التَّعْجِيلَ فَلَا رُجُوعَ لَهُ، وَإِنْ شَرَطَ التَّعْجِيلَ فَهَلْ يَرْجِعُ بِهِ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: يَرْجِعُ لِنُقْصَانِ مَالِهِ عَنِ النِّصَابِ.

وَالثَّانِي: لَا يَرْجِعُ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ فِي إِتْلَافِ دِرْهَمٍ لاسترجاع خمسة والله أعلم بالصواب.

[مسألة:]

قال الشافعي رضي الله عنه: " ولو مات المعطي قبل الحول وفي يدي رَبِّ الْمَالِ مِائَتَا دِرْهَمٍ إِلَّا خَمْسَةَ دَرَاهِمَ فلا زكاة عليه وما أعطى كما تَصَدَّقَ بِهِ أَوْ أَنْفَقَهُ فِي هَذَا الْمَعْنَى ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ:

إِذَا كَانَ مع رجل نصاب فعجل زَكَاتَهُ قَبْلَ الْحَوْلِ وَدَفَعَهَا إِلَى فَقِيرٍ فَمَاتَ الْفَقِيرُ قَبْلَ الْحَوْلِ، وَمَعَ رَبِّ الْمَالِ أَقَلُّ مِنْ نِصَابٍ فَلَا يَخْلُو حَالُ رَبِّ الْمَالِ فِيمَا عَجَّلَهُ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ إِمَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>