للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعَادِلِ، وَهُوَ مُخَيَّرٌ فِي الْجَوَازِ بَيْنَ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ، بَيْنَ نَفْسِهِ، أَوْ وَكِيلِهِ، أَوِ الإمام. فأما الأول وَالْأَفْضَلُ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ وَكِيلِهِ، لِأَنَّهُ عَلَى يَقِينٍ مِنْ فِعْلِ نَفْسِهِ، وَفِي شَكٍّ مِنْ فِعْلِ وَكِيلِهِ، وَالْإِمَامُ أَيْضًا أَوْلَى مِنْ وَكِيلِهِ، لِأَنَّ الزَّكَاةَ تَسْقُطُ عَنْهُ بِدَفْعِهَا إِلَى الْإِمَامِ وَإِنْ لَمْ يَدْفَعْهَا إِلَى الْمَسَاكِينِ وَلَا تَسْقُطُ عَنْهُ بِدَفْعِهَا إِلَى الْوَكِيلِ حَتَّى يَدْفَعَهَا إِلَى الْمَسَاكِينِ فَأَمَّا هُوَ وَالْإِمَامُ فَفِي أَوْلَاهُمَا بِتَفْرِيقِهَا إِذَا كَانَتْ بَاطِنَةً وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ دَفْعَهَا إِلَى الْإِمَامِ أَوْلَى مِنْ تَفْرِيقِهَا بِنَفْسِهِ، لِأَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: إِنَّهُ أَعْرَفُ بِمُسْتَحِقِّيهَا مِنْهُ.

وَالثَّانِي: إِنَّهَا تَسْقُطُ عَنْهُ فِي الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ، وَإِذَا فَرَّقَهَا بِنَفْسِهِ سَقَطَتْ عَنْهُ فِي الظَّاهِرِ دُونَ الْبَاطِنِ.

والوجه الثاني: أن يفرقها بِنَفْسِهِ أَوْلَى، لِمَا عَلَّلَ بِهِ الشَّافِعِيُّ مِنْ أَنَّهُ عَلَى يَقِينٍ مِنْ فِعْلِ نَفْسِهِ، وَفِي شَكٍّ مِنْ فِعْلِ غَيْرِهِ، فَأَمَّا الْأَمْوَالُ الظَّاهِرَةُ فَلِلْإِمَامِ أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ عَادِلًا فِي الزَّكَاةِ وَفِي غَيْرِهَا.

وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ جَائِرًا فِي الزَّكَاةِ وَفِي غَيْرِهَا.

وَالثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ عَادِلًا فِي الزَّكَاةِ جَائِرًا فِي غَيْرِهَا.

وَالرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ جَائِرًا فِي الزَّكَاةِ عَادِلًا فِي غَيْرِهَا، فَإِنْ كَانَ جَائِرًا فِي الزَّكَاةِ وَفِي غَيْرِهَا، أَوْ جَائِرًا فِي الزَّكَاةِ عَادِلًا فِي غَيْرِهَا، لَمْ يَجُزْ دَفْعُهَا إِلَيْهِ، وَفَرَّقَهَا رَبُّ الْمَالِ بِنَفْسِهِ، فَإِنْ دَفَعَهَا إِلَى الْإِمَامِ الْجَائِرِ فِيهَا لَمْ تُجْزِهِ، وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ فِي موضعه مِنْ قِسْمِ الصَّدَقَاتِ، وَإِنْ كَانَ عَادِلًا فِي الزكاة وفي غيرها فعلى قوله فِي الْقَدِيمِ يَجِبُ دَفْعُ الزَّكَاةِ إِلَيْهِ، فَإِنْ فرقها رب المال بنفسه أو وكيله وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وأبي حنيفة، وَعَلَى قَوْلِهِ فِي الْجَدِيدِ لَا يَجِبُ دَفْعُهَا إِلَيْهِ وَإِنْ فَرَّقَهَا بِنَفْسِهِ أَوْ وَكِيلُهُ جَازَ، لَكِنَّ دَفْعَهَا إِلَيْهِ فِي الْمَالِ الظَّاهِرِ أَوْلَى مِنْ تَفْرِيقِهَا بِنَفْسِهِ أَوْ وَكِيلِهِ وَجْهًا وَاحِدًا، لِيَكُونَ خَارِجًا من الخلاف في الإجزاء، وعلى اليقين مِنْ أَدَائِهَا ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، وَإِنْ كَانَ عَادِلًا فِي الزَّكَاةِ جَائِرًا فِي غَيْرِهَا وَجَبَ عَلَى قَوْلِهِ فِي الْقَدِيمِ دَفْعُهَا إِلَيْهِ وَلَمْ يَجُزْ تفريقها بنفسه.

رَوَى عَنْ سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سألت سعد بن مالك فَقُلْتُ: عِنْدِي مَالٌ مُجْتَمِعٌ يَعْنِي: مِنْ مَالِ الصَّدَقَةِ، وَهَؤُلَاءِ الْقَوْمُ كَمَا تَرَى، فَمَا أَصْنَعُ بِهِ؟ قَالَ: ادْفَعْهُ إِلَيْهِمْ قَالَ: وَسَأَلْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَسَأَلْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ. وَسَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>