للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبَاقِيَ لَا زَكَاةَ فِيهِ إِذَا نَقَصَ عَنِ النِّصَابِ، دَلَّلْنَا عَلَيْهِ بِأَنْ نَقُولَ: لِأَنَّهُ مَالٌ تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي عَيْنِهِ نَقَصَ عَنِ النِّصَابِ قَبْلَ الْحَوْلِ فَوَجَبَ أَنْ تَسْقُطَ عَنْهُ الزَّكَاةُ، كَمَا لَوْ كَانَ النَّاقِصُ لِعُذْرٍ، فَإِنْ قِيلَ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ مَا أَتْلَفَهُ لَا زَكَاةَ فِيهِ، دَلَّلْنَا عَلَيْهِ بِأَنَّهُ مَالٌ زَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ قَبْلَ الْحَوْلِ، فَوَجَبَ أَنْ لَا تَجِبَ فِيهِ الزَّكَاةُ كَمَا لَوْ أَتْلَفَهُ قَبْلَ الْحَوْلِ بِشَهْرٍ.

فَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ الْآيَةِ فَمِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: إِنَّهُ عَاقَبَهُمْ عَلَى تَرْكِهِمْ الِاسْتِثْنَاءَ، وَهُوَ قَوْلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

وَالثَّانِي: إِنَّهُمْ عَزَمُوا عَلَى الْفِعْلِ وَلَمْ يَفْعَلُوا، وَالْعِقَابُ إِنِ اسْتَحَقُّوهُ فَبِفِعْلِهِمْ لَا بِعَزْمِهِمْ فَلَمْ يَكُنْ فِي الْآيَةِ دَلَالَةٌ.

وَأَمَّا قَوْلُهَ إِنَّهُ إِسْقَاطُ حَقٍّ بِسَبَبٍ محرم فغير مسلم، لأنه تَصَرُّفَ الرَّجُلِ فِي مَالِهِ غَيْرُ مُحَرَّمٍ، وَإِنَّمَا قصده مكروه.

[مسألة:]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَوْ رَدَّ أَحَدُهُمَا بِعَيْبٍ قَبْلَ الْحَوْلِ اسْتَأْنَفَ بها الْحَوْلَ وَلَوْ أَقَامَتْ فِيِ يَدِهِ حَوْلًا ثُمَّ أَرَادَ رَدَّهَا بِالْعَيْبِ لَمْ يَكُنْ لَهُ رَدُّهَا نَاقِصَةً عَمَّا أَخَذَهَا عَلَيْهِ وَيَرْجِعُ بِمَا نَقَصَهَا الْعَيْبُ مِنَ الثَّمَنِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ:

إِذَا بَادَلَ نِصَابًا مِنَ الْمَاشِيَةِ بِنِصَابٍ مِنَ الْمَاشِيَةِ مُبَادَلَةً صَحِيحَةً، ثُمَّ أَصَابَ أَحَدُهُمَا بِمَا صَارَ إِلَيْهِ عَيْبًا، فَأَرَادَ رَدَّهُ بِهِ فَذَلِكَ ضَرْبَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ ظُهُورُ الْعَيْبِ قَبْلَ الْحَوْلِ.

وَالثَّانِي: بَعْدَهُ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْحَوْلِ فَلَهُ الرَّدُّ بِهِ، فَإِذَا اسْتَرْجَعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَاشِيَتَهُ اسْتَأْنَفَ لَهَا الْحَوْلَ مِنْ حِينِ رَجَعَتْ، لِأَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ فَسْخٌ يَقْطَعُ الْمِلْكَ، وَلَا يَرْفَعُ الْعَقْدَ، بِدَلِيلِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَرُدُّ الْعَيْنَ الْمَعِيبَةَ دُونَ النَّمَاءِ الْحَادِثِ، فَيَصِيرُ كل واحد منهما مستحقاً الملك مَا ارْتَجَعَهُ، وَمَنِ اسْتَحْدَثَ مِلْكًا اسْتَأْنَفَ حَوْلَهُ، وَإِنْ كَانَ ظُهُورُ الْعَيْبِ بَعْدَ الْحَوْلِ فَلَهُ حَالَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ قَدْ أَخْرَجَ زَكَاتَهَا قَبْلَ ظُهُورِ الْعَيْبِ.

وَالثَّانِي: لَمْ يُخْرِجْهَا فَإِنْ كَانَ قَدْ أَخْرَجَهَا لَمْ يَخْلُ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ إِمَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ أَخْرَجَهَا مِنْ نفس المال ووسطه، أَوْ مِنْ غَيْرِهِ، فَإِنْ كَانَ قَدْ أَخْرَجَهَا من نفس المال فَهَلْ لَهُ رَدُّ مَا بَقِيَ أَمْ لَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ مِنْ جَوَازِ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ فِي الْمَرْدُودِ بِالْعَيْبِ إِذَا تَلِفَ بَعْضُهُ، فَأَصَحُّ الْقَوْلَيْنِ يَرْجِعُ بِأَرْشِ الْعَيْبِ وَلَا رَدَّ لَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>